التمهيد - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٣١٧
الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما أوى إلى الله يعني ما كان لله ورضيه والله أعلم وأما قوله في الثاني فاستحي فاستحي الله منه فهو من اتساع كلام العرب في ألفاظهم وفصيح كلامهم والمعنى فيه والله أعلم أن الله قد غفر له لأنه من استحيى الله منه لم يعذبه بذنبه وغفر له بل لم يعاتبه عليه فكان المعنى في الأول أن فعله أوجب له حسنة والآخر أوجب له فعله محو سيئة عنه والله أعلم وأما قوله في الثالث فأعرض فأعرض الله عنه فإنه والله أعلم أراد أعرض عن عمل البر فأعرض الله عنه بالثواب وقد يحتمل أن يكون المعرض عن ذلك المجلس من في قلبه نفاق ومرض لأنه لا يعرض في الأغلب عن مجلس رسول الله إلا من هذه حاله بل قد بان لنا بقول رسول الله فأعرض فأعرض الله عنه أنه منهم لأنه لو أعرض لحاجة عرضت له ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك القول فيه ومن كانت هذه حاله كان إعراض الله عنه سخطا عليه وأسئل الله المعافاة والنجاة من سخطه بمنه ورحمته
(٣١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 ... » »»