التمهيد - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٣١٢
والصحيح عندنا الذي يذهب إليه ما قاله مالك وأصحابه والشافعي لأن في ذلك استعمال السنن على وجوهها الممكنة فيها دون رد شيء ثابت منها وليس حديث جابر بصحيح عنه فيعرج عليه لأن أبان بن صالح الذي يرويه ضعيف وقد رواه ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر عن قتادة (1) عن النبي عليه السلام على خلاف رواية أبان بن صالح عن مجاهد عن جابر وهو حديث لا يحتج بمثله وحديث عائشة قد دفعه قوم ولو صح لم يكن فيه خلاف لما ذهبنا اليه لأن المقعد لا يكون إلا في البيوت وليس بذلك بأس عندنا في كنف البيوت وإنما وقع نهيه والله أعلم على السحارى والفيافي والفضاء دون كنف البيوت وخرج عليه حديثه صلى الله عليه وسلم لأنه كان متبرز القوم ألا ترى إلى ما في حديث الإفك من قول عائشة رحمها الله وكانت بيوتنا لا مراحيض لها وإنما أمرنا أمر العرب الأول يعني البعد في البراز وقال بعض أصحابنا أن النهي إنما وقع على الصحارى لأن الملائكة تصلى في الصحارى وليس المراحيض كذلك وأما قوله في الحديث كيف أصنع بهذه الكرابيس فهي المراحيض واحدها كرباس مثل سربال وسرابيل وقد قيل أن الكرابيس مراحيض الغرف وأما مراحيض البيوت فإنها يقال لها الكنف وفي قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها بفرجه دليل على أن القبل يسمى فرجا وأن الدبر أيضا يسمى فرجا
(٣١٢)
مفاتيح البحث: النهي (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 ... » »»