الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ٤١٢
[أنه سمع] القاسم بن محمد يقول مر عمر بن الخطاب بحاطب وهو يبيع زبيبا فقال له عمر كيف تبيع فذكر له سعرا فقال له عمر إما أن تزيد في السعر وإما أن ترفع فرفع فجاء عمر بنفسه ثم رجع إلى حاطب فقال له إنما أخبرت أن عيرا مقبلة من الطائف بزبيب فأحببت أن تعتبر بسعرك فبع كيف شئت هكذا [رواه طائفة] عن الدراوردي منهم بن وهب وأبو أحمد الزبيري وعنه داود بن صالح التمار في [هذا المعنى] حديث مرفوع رواه عن أبيه عن أبي سعيد الخدري وداود هذا مدني مولى للأنصار [وليس به بأس] وأما الشافعي فروى عن الدراوردي عن داود بن صالح التمار عن القاسم بن محمد عن عمر أنه مر بحاطب بن أبي بلتعة وبين يديه غرارتان فيهما زبيب فذكر نحو حديث مالك إما أن ترفع في السعر وإما أن تدخل زبيبك بيتك فتبيعه كيف شئت فلما رجع عمر حاسب نفسه ثم أتى حاطبا في داره فقال له عمر إن الذي قلت ليس بعزيمة مني ولا قضاء وإنما هو شيء أردت به الخير لأهل البلد فحيث شئت [وكيف شئت] فبع [قال الشافعي وليس هذا بخلاف لما رواه مالك لأن مالكا روى بعض الحديث وهذا العصاة قال الشافعي والناس مسلطون على أحد لهم ليس لأحد أن يأخذها ولا شيئا منها بغير طيب أنفسهم إلا في المواضع التي أوجب الله تعالى عليهم فيها الحقوق وليس هذا منها قال الشافعي والحكرة المكروهة فيما هو قوت وعن الناس قوام لأبدانهم كالحنطة والشعير وما كان مثلها عند عدمها فلا يجوز لأحد الحكرة في حاجة الناس حتى لا يجدوا منه إلا ما يتبلغون به فحينئذ لا ينبغي لأحد أن يخرج ذهبه وورقه فيزاحم الناس على شر الطعام ليحتكره ويغلي على الناس أسعارهم وليمنع من ذلك ويؤدب عليه] وأما الفاكهة والآدام [كله] فلا بأس بحكرته في كل وقت وكان سعيد بن المسيب يحتكر الزيت وقول أبي حنيفة وأصحابه في الحكرة نحو ذلك وقالوا لا يجوز التسعير على الناس ولا يصلح لأن الله عز وجل يقول " لا تأكلوا أمولكم بينكم بالبطل إلا أن تكون تجرة عن تراض منكم " [النساء 29] وقال الليث بن سعد وهو قول ربيعة ويحيى بن سعيد لا بأس بالتسعير على البائعين للطعام إذا خيف منهم أن يفسدوا أسواق المسلمين ويغلوا أسعارهم
(٤١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 ... » »»