الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ٤٢٣
والثاني أن بيع الغائب على الصفة وعلى غير الصفة جائز وللمبتاع خيار الرؤية فإذا رآه ورضيه تمت الصفقة وصح البيع هذا قول الكوفيين والشافعي والثالث أنه لا يجوز بيع الغائب على الصفة ولا على غير الصفة ولا يجوز إلا بيع عين مرئية أو صفة مضمونة في الذمة وهو السلم هذا هو المشهور من قول الشافعي وسنذكر هذه المسألة في باب بيع الغرر أن شاء الله تعالى وأما النقد المذكور في هذه المسألة فإنما كرهه مالك [وقد ذكر الوجه الذي له كرهه لأن ما كرهه مالك] لأنه زعم أنه يدخله بيع وسلف وقد اختلف أصحابه في جواز النقد في باب بيع الحيوان الغائب وغير الحيوان وذكر بن المواز عن بن القاسم أنه قال إن كانت الغيبة مثل البريد أو البريدين فلا بأس بالنقد فيه وقال أشهب لا بأس بالنقد فيه اليوم واليومين كان حيوانا أو طعاما قال أشهب لا بأس به وإن كان بعيدا لم يجز النقد فيه كان المبيع ضارا أو ما كان من شيء وروى بن القاسم عن مالك أنه قال لا بأس بالنقد في الدور والعقار كله لأنه مأمون وروى أشهب عن مالك [مثل ذلك] وخالفه فلم ير النقد في شيء منه وأجاز بن القاسم النقد في المبيع على الصفة طعاما كان أو غيره إذا كان على اليوم واليومين قال أبو عمر إنما كره مالك النقد في الحيوان الغائب لأن الحيوان يسرع إليه التغيير ما لا يسرع إلى غير الحيوان فكان عنده في معنى البيع والسلف إذا نقد فيه يدخله ذلك على مذهبه في الأغلب السرعة تغيره وليس العقار كذلك وعلة أشهب في تسويته بين العقار وغيره ما جعله مالك علة في ذلك لأنه ربما لم يوجد على الصفة فيكون البائع قد انتفع بالثمن فأشبه البيع والسلف وأما قوله ولا بأس به إذا كان مضمونا موصوفا فإنه أراد السلم [المعروف] على شروطه
(٤٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 ... » »»