الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ٤٠٥
دراهم وأمهلني بها حولا أو شهرا جاز وليس بين ذلك الاختلاف لفظ القرض ولفظ البيع قال مالك في رجل له على رجل طعام ابتاعه منه ولغريمه على رجل طعام مثل ذلك الطعام فقال الذي عليه الطعام لغريمه أحيلك على غريم لي عليه مثل الطعام الذي لك علي بطعامك الذي لك علي قال مالك إن كان الذي عليه الطعام إنما هو طعام ابتاعه فأراد أن يحيل غريمه بطعام ابتاعه فإن ذلك لا يصلح وذلك بيع الطعام قبل أن يستوفى فإن كان الطعام سلفا حالا فلا بأس أن يحيل به غريمه لأن ذلك ليس ببيع ولا يحل بيع الطعام قبل أن يستوفى لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك غير أن أهل العلم قد اجتمعوا على أنه لا بأس بالشرك والتولية والإقالة في الطعام وغيره قال مالك وذلك أن أهل العلم أنزلوه على وجه المعروف ولم ينزلوه على وجه البيع وذلك مثل الرجل يسلف الدراهم النقص فيقضي دراهم وازنة فيها فضل فيحل له ذلك ويجوز ولو اشترى منه دراهم نقصا بوازنة لم يحل ذلك ولو اشترط عليه حين أسلفه وازنة وإنما أعطاه نقصا لم يحل له ذلك 1308 - قال مالك ومما يشبه ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع المزابنة وأرخص في بيع العرايا بخرصها من التمر وإنما فرق بين ذلك أن بيع المزابنة بيع على وجه المكايسة والتجارة وأن بيع العرايا على وجه المعروف لا مكايسة فيه قال أبو عمر أما قوله في أن الحوالة بالطعام إذا كان من بيع لا يجوز وإذا كان من قرض جاز فقد مضى القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم [إنما] نهى عن بيع الطعام [قبل أن] يستوفى من ابتاعه لا من ملكه بأي وجه كان لأنه صلى الله عليه وسلم قال ((من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه)) أو قال حتى يقبضه فخص مبتاع الطعام بذلك لأنه في ضمان غيره لا في ضمانه وجاز للوارث بيعه قبل أن يستوفيه لأنه غير مضمون على غيره وخالف الشافعي مالكا في القرض فلم ير بيعه قبل قبضه لأنه من ضمان المستقرض وأما الحوالة به فرأى مالك أن الحوالة إن كانت نقل ذمة إلى ذمة وتحول ما
(٤٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 ... » »»