الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ٤٠٦
على ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه برضا المستحيل فإنه عنده بيع من البيوع لأن البيع كل ما تعارض عليه المتعاوضان فلم تجز الحوالة في الطعام لمن ابتاعه كما لا يجوز بيعه قبل قبضه وقول الشافعي في ذلك كقول مالك قال الشافعي] ولرجل عليه طعام فأحال به على رجل له عليه طعام لم يجز من قبل أن أصل ما كان له بيع وإحالته به بيع منه له بالطعام الذي عليه بطعام على غيره وأما أبو حنيفة وأصحابه فلا بأس عندهم بالحوالة في السلم كله طعاما كان أو غيره وهو عندهم من باب الكفالة وجائز عندهم للمسلم أن يستحيل بما سلم فيه على من أحاله [عليه المسلم إليه كما له أن يأخذ به رهنا وكفلا] وأخرجوا الحوالة من البيع كما أخرجها الجميع من باب الدين بالدين ومن باب البيع أيضا ولو كانت الحوالة من البيع ما جاز أن يستحيل أحد بدنانير من دنانير أو بدراهم من دراهم لأنه ليس هاء وهاء وأما قول مالك بأن أهل العلم قد أجمعوا أنه لا بأس بالشركة والتولية والإقالة في الطعام وغيره إلى آخر كلامه وأحسبه أراد أهل العلم في عصره أو شيوخه الذين أخذ عنهم وأما سائر العلماء فأنهم لا يجيزون الشركة ولا التولية في الطعام لمن ابتاعه قبل أن يقبضه فأن الشركة والتوالية بيع من البيوع وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام قبل قبضه وستأتي هذه المسألة في بابها - إن شاء الله عز وجل وأما قوله أنزلوه على وجه المعروف قال المعروف عند غيره من العلماء ليس بمعارضه ولا بدل في غيره وإنما هو إحسان لا عوض منه إلا الشكر والأجر وأما السلف الذي هو القرض فقد وردت السنة المجتمع عليها فيه أن خير الناس أحسنهم قضاء وأن الزيادة فيه إذا اشترطت ربا وليس هكذا سبيل البيوع والعرايا بيع مخصوص في مقدار لا يتعدى وقد أنكروا على أبي حنيفة إذ لم يجعلها من البيوع وقد مضى ما للعلماء في العرايا مما أغنى عن تكراره ها هنا والحمد لله
(٤٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 411 ... » »»