الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ٤٠٤
أعطاه ثمن الذي كان له عليه ويصير الطعام الذي أعطاه محللا فيما بينهما ويكون ذلك إذا فعلاه بيع الطعام قبل أن يستوفى قال أبو عمر أما إذا كان على [حسب] ما وصفه مالك فإنه أمر مكشوف فقد عقدا عليه غريمتها وظهر ذلك في فعلهما إذا قال له لا أبيعك الطعام الذي سلمت فيه إليك وحتى أقبضه فقال له بعني طعاما إلى أجل أصرفه إليك فضامن طعامك ويبقى ثمنه على مكانه إنما باعه الطعام الذي كان عليه بالثمن الذي عقده في الطعام الآخر [فصار بيع الطعام] قبل قبضه إلى سائر ما يدخله من وجوه الربا لأنه قد صرف الطعام الذي اشترى منه إليه وصار فعلهما ذلك وذريعة إلى تحليل ما لا يحل في بيع الطعام قبل أن يستوفى وأما [إذا] ابتاع رجل طعاما من غريم له عليه [طعام] من غير شرط ولا إعادة معروفة ثم قضاه منه فإن ذلك جائز عند الشافعي وعند كل من لا يقول بإعمال الظن لقطع [الذريعة] لأن الله - عز وجل - لم يحرم على أحد أن يبتاع من غريمه سلعة بعد سلعة وأن يعامله [معاملة بعد معاملة] إذا كانا من أهل السلامة فإذا ملك الطعام الذي ابتاع منه بغير شرط ولا كلام هو كالشرط وقبضه وجائز فيه تصرفه جاز له أن يقضي منه ذلك الغريم ما عليه من الطعام كما له أن يفعل فيه ما أحب ولا يجوز ذلك عند مالك لأن الفعل القبيح عنده كأنه قد شرطه وقصده ولا ينفع عنده القول الحسن في البيع إذا كان الفعل قبيحا كما لا يضره عنده القول القبيح إذا كان الفعل حسنا ألا ترى أنه يجيز ما لا يجيزه أحد من العلماء غيره وذلك قول الرجل أبيعك سلعتي هذه بكذا وكذا درهما على أن تعطيني في تلك الدراهم [دينارا] فأجاز ذلك مالك مع قبح الكلام لأنه يجمع بيقين في بيعه وصرفا متأخرا عند غيره وأما عنده فإنما باعه تلك السلعة بالدينار وكان ذكر الدراهم عنده لغوا [لم يلتفت إليه] وأما الشافعي فإنه لا يراعي فيما يحل ويحرم من البيوع بين المتبايعين إلا ما اشترطا وذكرا بألسنتهما وظهر من قولهما لإجماع العلماء على أنه إذا قال له أبيعك هذه الدراهم بدنانير أنظرك بها حولا أو شهرا لم يحل ولو قال أسلفني
(٤٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 ... » »»