الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ٣٠٨
وقد ذكرنا أحاديث هذا الباب [بالأسانيد] المتصلة كلها في ((التمهيد)) والحمد لله حدثني عبد الوارث بن سفيان قال حدثني قاسم بن اصبغ قال حدثني بكر بن حماد قال حدثني مسدد قال حدثني حفص بن غياث عن أبي العوام البصري عن عطاء قال كان بن عباس يبيع من غلمانه النخل السنة والسنتين والثلاث فبعث إليه جابر أفعلمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع النخيل سنين قال بلى ولكن أما علمت أنه ليس بين العبد وبين سيده ربا واختلف [العلماء] في معنى نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها فقالت طائفة ذلك على الندب والاستحسان ليس بنهي وجوب وتحريم فأجازوا بيعها إذا خلقت وظهرت وإن لم يبد صلاحها وممن ذهب إلى هذا أبو حنيفة وأصحابه واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد ثبت عنه أنه قال ((من باع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع)) قالوا فلما أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتراط الثمرة بعد الأبار وقد أخبر أنها للبائع [علمنا أنها لم تدخل في صفقة بيع أصولها فلم يجعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم [تبعا لها] فيدخلها في الصفقة بغير شرط ولكنه أخبر أنها في حين تبع الأصول للبائع وأجاز المشتري اشتراطها في صفقة وما لم يدخل في الصفقة إلا بالاشتراط جاز بيعه منفردا فدل ذلك على جواز بيع الثمرة بعد الأبار قبل بدو صلاحها ودل ذلك على أن نهيه صلى الله عليه وسلم [عن بيع الثمرة] قبل بدو صلاحها ما لم يكن منه صلى الله عليه وسلم على الإيجاب والتحريم وذكروا ما حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثني محمد بن بكر قال حدثني أبو داود قال حدثني أحمد بن صالح قال حدثني عنبسة بن خالد قال حدثني يونس بن يزيد قال سألت سألت أبا الزناد عن بيع الثمار قبل بدو صلاحه وما ذكر من ذلك فقال كان عروة بن الزبير يحدث عن سهل بن خيثمة عن زيد بن ثابت قال كان الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبايعون قبل أن يبدو صلاحها فإذا جد الناس وحضر قاضيهم قال المبتاع قد أصاب الثمرة الدمان واصابه قشام ومراض عاهات يحتجون بها فلما كثرت خصومتهم عند النبي صلى الله عليه وسلم قال كالمشورة يشير بها عليهم ((أما لا فلا تتبايعوا الثمر حتى يبدو صلاحه)) لكثرة خصومتهم واختلافهم قالوا فهذا يدل على أن نهيه عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها ليس على الوجوب
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»