الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٥ - الصفحة ٩٣
وقد اختلف العلماء في عقوبة الغال فقال الأوزاعي ومحمد بن عبد العزيز وهو قول مكحول يحرق متاع الغال كله قال الأوزاعي إلا سلاحه وثيابه التي عليه وسرجه ولا تنتزع منه دابة ويحرق سائر متاعه كله إلا الشيء الذي غل فإنه لا يحرق قال ولا عقوبة عليه غير ذلك وقال أحمد وإسحاق في عقوبة الغال يحرق متاعه ورحله كقول الأوزاعي وروي عن الحسن البصري أنه قال يحرق جميع رحله إلا أن يكون حيوانا أو مصحفا وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم والليث بن سعد لا يحرق رحل الغال فلا يعاقب إلا بالتعزير على اجتهاد الأمير وقال الشافعي وداود إن كان عالما بالنهي عوقب وهو قول الليث وقد زدنا هذه المسألة بيانا في ((التمهيد)) وأجمع العلماء على أن على الغال أن يرد ما غل إلى صاحب المقاسم إن وجد إلى ذلك سبيلا وأنه إذا فعل ذلك فهي توبة له واختلفوا إذا افترق أهل العسكر ولم يوصل إليه فذهب أكثر أهل العلم إلى أنه يدفع إلى الإمام خمسه ويتصدق بالباقي فإن خاف الإمام على نفسه تصدق به كله وأحسن شيء في هذا ما رواه سنيد وغيره عن أبي فضالة عن أزهر بن عبد الله قال غزا مالك بن عبد الله الخثعمي أرض الروم فغل رجل مائة دينار ثم أتى بها معاوية بن أبي سفيان بعد افتراق الجيش فأبى أن يأخذها وقال قد نفر الجيش وتفرقوا فأتى بها عبادة بن الصامت فذكر ذلك له فقال ارجع إليه فقل خذ خمسها أنت ثم تصدق أنت بالبقية فإن الله عالم بهم جميعا فأتى معاوية فأخبره فقال لئن كنت أنا أفتيتك بها أحب إلي من كذا وكذا وفي هذا الباب 950 - مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه عن عبد الله بن عباس أنه قال
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»