الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٥ - الصفحة ٩٠
تليين القلوب ومن حاد الله وشانه قد حرمت على المسلمين موالاته وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك بخلاف غيره لأنه مأمون منه ما لا يؤمن من أكثر الأمراء بعده حدثني عبد الوارث بن سفيان قراءة مني علية أن قاسم بن أصبغ حدثهم قال حدثنا بن وضاح قال حدثنا عبد الملك بن حبيب المصيصي وقرأت على عبد الوارث أيضا - رحمه الله عن قاسم عن عبيد الله بن عبد الواحد البزار أنه حدثه قال حدثنا أبو صالح الفراء محبوب بن موسى قالا جميعا حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري قال قلت للأوزاعي أرأيت لو أن أمير الروم أهدى للأمير هدية رأيت أن يقبلها قال لا أرى بذلك بأسا قال قلت فما حالها إذا قبلها قال قلت للمسلمين قلت وما وجه ذلك قال أليس إنما أهداها له لأنه والي عهد المسلمين فلا يكون أحق بها منهم ويكافئه بمثلها من بيت مال المسلمين قال الفزاري قلت للأوزاعي فلو أن صاحب الباب أهدى له صاحب العدو هدية أو صاحب ملطية أيقبلها أحب إليك أم يردها قال يردها أحب إلي وإن قبلها فهي بين المسلمين ويكافئه بمثلها من بيت المال قلت فصاحب الصائفة إذا دخل فأهدى له صاحب الروم هديه قال يكون بين ذلك الجيش فما كان من طعام قسمه بينهم وما كان سوى ذلك جعله في غنائم المسلمين وقال الربيع عن الشافعي في كتاب الزكاة إذا أهدى رجل إلى الوالي هدية فإن كان لشيء نال منه حقا أو باطلا فحرام على الوالي أخذه لأنه حرام عليه أن يستعجل على الحق جعلا وقد ألزمه الله القيام بالحق وحرام عليه أن يقوم بالباطل والجعل فيه حرام قال وإن أهدي إليه من غير هذين الوجهين أحد من أهل ولايته فكانت تفضلا أو تشكرا لحسنى كانت منه في المعاملة فلا يقبلها فإن قبلها كانت في الصدقة ولا يسعه عندي غيره إلا أن يكافئه من ماله بقدر ما يسعه أن يتمولها به
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»