والمعنى في ذلك - والله أعلم - أن الميت المسلم كان وجبت له حقوق في بيت المال من الفيء وغيره لم تصل إليه فتوجب على الإمام أن يؤدي ذلك الدين عنه كما لو كان للميت دين على غيره من المسلمين أو الذميين جاز أن يؤخذ دينه الذي له فيؤدي منه ما عليه من الدين ويخلص ماله لورثته فإن لم يفعل الغريم ذلك أو السلطان رفع القصاص بينهم في الآخرة ولم يحبس عن الجنة بدين له مثله على غيره في بيت المال أو على غريم جحد ولم يثبت الدين عليه في القضاء أو أن غريمه لم يعلم به أو لم يصل إليه أو دين أقر به لوارث في مرضه فلم يجز القاضي إقراره وكان صادقا فيه محقا فهذا كله وما كان مثله لا يحبس به صاحب الدين عن الجنة إذا كان ممن يستحقها بثواب الله على عمله إلا أن يكون ما عليه من الدين أكثر مما له في بيت المال أن على الغريم ولم تف بذلك حسناته فالقصاص منه ومعلوم أن حق المسلم في بيت المال وإن لم يتعين عنده مال من ماله يعلمه الذي أحصى كل شيء عددا وأحاط بكل شيء علما يأخذه له ممن ظلمه فيه يوم لا دينار فيه ولا درهم إلا الحسنات والسيئات ومحال أن يحبس عن الجنة ما بقي ما عليه من الدين عند سلطان أو غيره ممن لم يقدر على الانتصاب في الدنيا منه وقول السلطان دين هذا علي وماله لورثته كقول غريم لو كان له فقال ما على هذا البيت من الدين فعلي أداءه مما له علي وما يخلفه لورثته وهذا لا مشكل على أحد إن شاء الله وفي هذا الحديث أن جبريل كان ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم بما يتلى من القرآن وبغيره من الحكمة والعلم والسنة وقد بينا ذلك في غير هذا الموضع والحمد لله 956 - قال أبو عمر وفي هذا الباب مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لشهداء أحد ((هؤلاء أشهد عليهم)) فقال أبو بكر الصديق ألسنا يا رسول الله بإخوانهم أسلمنا كما أسلموا وجاهدنا كما جاهدوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((بلى ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي)) [فبكى أبو بكر ثم بكى ثم قال أئنا لكائنون بعدك] قال أبو عمر هذا حديث منقطع لم يختلف عن مالك في انقطاعه
(١٠٤)