الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ٢٥٠
قال أبو عمر كانت الكعبة تكسى من زمن تبع ويقال إن أول من كسى الكعبة تبع الحميري وكسوتها من الفضائل المتقرب بها إلى الله (عز وجل) ومن كرائم الصدقات فلهذا كان بن عمر يكسو بدنه الجلل والقباطي والحلل فيجمل بذلك بدنه لأن ما كان لله تعالى فتعظيمه وتجميله من تعظيم شعائر الله تعالى ثم يكسوها الكعبة فيحصل على فضلين وعملين من أعمال البر رفيعين فلما كسا الأمراء الكعبة وحالوا بين الناس وكسوتها تصدق بن عمر حينئذ بجلال بدنه لأنه شيء أخرجه لله تعالى من ماله وما خرج لله تعالى فلا عودة فيه وأما تركه تجليل بدنه إلى يوم التروية في حين رواحه إلى عرفة فذلك والله أعلم لأنه شيء قصد به التزيين والجمال كما يتزين باللباس في العيدين وينحر البدن في مجتمع الناس وذلك ليقتدي به الناس 815 - مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول في الضحايا والبدن الثني فما فوقه قال أبو عمر اختلف العلماء فيما لا يجوز من أسنان الضحايا والهدايا بعد إجماعهم أنها لا تكون إلا من الأزواج الثمانية وأجمعوا أن الثني فما فوقه يجزئ منها كلها وأجمعوا أنه لا يجزئ الجزع من المعز في الهدايا ولا في الضحايا لقوله (عليه السلام) لأبي بردة لم يجز عن أحد بعدك واختلفوا في الجذع من الضأن فأكثر أهل العلم يقولون يجزئ الجذع من الضأن هديا وضحية وهو قول مالك والليث والثوري وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وأبي ثور وكان بن عمر يقول لا يجزئ في الهدي إلا الثني من كل شيء وقال عطاء الجذع من الإبل يجزئ عن سبعة وروي عن أنس والحسن البصري أن الجذع يجزئ عن ثلاثة
(٢٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 ... » »»