الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ٢٥٥
وقال الشافعي لا يؤكل من الهدي كله إلا التطوع خاصة إذا بلغ محله وكل ما كان واجبا من الهدي فلحمه كله للمساكين وجلده وكذلك جله والنعلان اللتان عليه قال وكذلك عندي هدي المتعة لأنه واجب فسبيله سبيل جزاء الصيد وهدي الإفساد وهدي القرآن فكل ما وجب عليه فلا يأكل منه شيئا وقال أبو ثور مثله ذكر بن أبي شيبة قال حدثنا بن علية قال حدثنا يزيد بن زريع عن ليث عن عطاء وطاوس ومجاهد أنهم كانوا يقولون لا يؤكل من الفدية ولا من جزاء الصيد عبد الرزاق عن بن جريج عن عطاء قال لا يأكل من جزاء الصيد ولا من نذر المساكين ولا من الكفارات ويأكل مما سوى ذلك فإن كان الهدي واجبا وعطب قبل محله فإن صاحبه يأكله إن شاء أو ما شاء منه ويطعم منه من شاء ما شاء لأن عليه بدله وعلى هذا جمهور العلماء ومنهم من أجاز له بيع لحمه وإن يستعين به في البدل وكره ذلك مالك لأنه بيع شيء أخرجه لله (عز وجل) ومن أجاز بيع لحمه على جواز أكله وقد كان عطاء يبيح البيع في ذلك ثم رجع عنه وروى سفيان بن عيينة عن عبد الكريم عن عكرمة عن بن عباس قال إذا أهديت هديا واجبا فعطب فانحره فإن شئت فكل وإن شئت فأهد وإن شئت فتقول به في هدي آخر وأما قول بن عمر (أنه من أهدى بدنة ثم ضلت أو ماتت فإنها أن كانت نذرا أبدلها وإن كانت تطوعا فإن شاء أبدلها وإن شاء تركها) قال أبو عمر لا خلاف في هذا بين العلماء وأصلهم فيه الصلاة النافلة لا تقضى لمن غلب عليها ما يفسدها والنذر والصلاة الفريضة ما غلبه عليها من الحدث وغيره لا يسقطها قال عبد الرزاق عن بن جريج عن عطاء قال أما النذر فإن كان للمساكين فكان بمنزلة جزاء الصيد وإن قال علي بدنة أو هدي ولم يذكر فيه شيئا فهو هدي والمتعة سواء ليهد منهما لمن هو غني عنهما من صديق أو ذي رحم وليأكل هو وأهله وليتصدق ولينتفع بجلودها ولا يبع
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»