الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ٢٥٣
وأما قوله في حديث مالك (كيف أصنع بما عطب من الهدي) فإن محمل هذا عند جماعة العلماء على الهدي التطوع لأنه هدي بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في حديث ناجية وبن عباس فهو هدي تطوع لا يجوز لأحد ساقه أكل شيء منه أقامه رسول الله صلى الله عليه وسلم مقام نفسه بما يلتزم محله ليأكله قبل وجوب أكله قطعا للذريعة في ذلك 817 - مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال من ساق بدنة تطوعا فعطبت فنحرها ثم خلى بينها وبين الناس يأكلونها فليس عليه شيء وإن أكل منها أو أمر من يأكل منها غرمها مالك عن ثور بن زيد الديلي عن عبد الله بن عباس مثل ذلك 818 - مالك عن بن شهاب أنه قال من أهدى بدنة جزاء أو نذرا أو هدي تمتع فأصيبت في الطريق فعليه البدل مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال من أهدى بدنة ثم ضلت أو ماتت فإنها إن كانت نذرا أبدلها وإن كانت تطوعا فإن شاء أبدلها وإن شاء تركها مالك أنه سمع أهل العلم يقولون لا يأكل صاحب الهدي من الجزاء والنسك قال أبو عمر أما الهدي التطوع إذا بلغ محله فلا خلاف بين العلماء في أنه يأكل منه صاحبه إن شاء كسائر الناس لأنه في حكم الضحايا وإنما اختلفوا فيمن أكل من الهدي الواجب أو أكل من الهدي التطوع قبل أن يبلغ محله فكان مالك والأوزاعي والشافعي يقولون في الهدي التطوع يعطب قبل محله أن على صاحبه أن يخلي بينه وبين الناس يأكلونه ولا يأمر أحدا يأكل منه فقيرا ولا غنيا يتصدق ولا يطعم وحسبه والتخلية بينه وبين الناس وكذلك قال أبو حنيفة إلا أنه قال يتصدق به أفضل من أن يتركه للسباع فتأكله وأما ما يطمئن الآكل من الهدي الذي لا يجب له أن يأكل منه قد اختلف فيه أيضا
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»