الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ٢٤٨
وأما أكله وإطعامه من الهدي فيدل على أن ذلك كان هدي تطوع قد بلغ محله امتثالا لقول الله (عز وجل) * (فكلوا منها وأطعموا) * [الحج 36] وهذا عند الجميع في الهدي التطوع إذا بلغ محله وفي الضحايا وسيأتي القول فيما يؤكل من الهدي وما لا يؤكل منه ومذاهب العلماء في ذلك في موضعه إن شاء الله وأما قوله عند نحره بسم الله والله أكبر فلقول الله (عز وجل) * (فاذكروا اسم الله عليها) * [الحج 36] ومن أهل العلم من يستحب التكبير مع التسمية كما كان يقول بن عمر وعساه أن يكون امتثل قول الله (عز وجل) * (ولتكبروا الله على ما هداكم) * [البقرة 185] ومنهم من كان يقول التسمية تجزي ولا يزيد على بسم الله وأحب إلي أن يقول بسم الله الله أكبر وقد روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في ذبح ضحيته وهو قول أكثر أهل العلم مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول الهدي ما قلد وأشعر ووقف به بعرفة قال أبو عمر قد تقدم في الحديث قبل هذا عنه أنه كان يسوق هديه حتى يقفه بعرفة مع الناس ثم يدفع به معهم إذا دفعوا فإذا قدم منى نحره ووقف الهدي بعرفة عند مالك وأصحابه لمن اشترى الهدي بمكة ولم يدخله من الحل واجب لا يجزئ عندهم غير ذلك على قول بن عمر الهدي ما قلد وأشعر ووقف به على عرفة قال مالك من اشترى هديه بمكة أو بمنى ونحره ولم يخرجه إلى الحل فعليه البدن فإن كان صاحب الهدي قد ساقه من الحل أستحب له أن يقفه بعرفة فإن لم يقفه فلا شيء عليه وحسبه في الهدي أن يجمع بين الحل والحرم وقد كان سعيد بن جبير يقول نحو قول بن عمر لا يصلح من الهدي إلا ما عرف وهو قول مالك وأما عائشة فكانت تقول إن شئت فعرف وإن شئت فلا تعرف وروي ذلك عن بن عباس وبه قال الشافعي والثوري وأبو حنيفة وأبو ثور وقال الشافعي وقف الهدي بعرفة سنة لمن شاء إذا لم يسقه من الحل
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»