الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ٢٢٨
عند عروة بن الزبير فخرجت تطوف بين الصفا والمروة في حج أو عمرة ماشية وكانت امرأة ثقيلة فجاءت حين انصرف الناس من العشاء فلم تقض طوافها حتى نودي بالأولى من الصبح فقضت طوافها فيما بينها وبينه وكان عروة إذا رآهم يطوفون على الدواب ينهاهم أشد النهي فيعتلون بالمرض حياء منه فيقول لنا فيما بيننا وبينه لقد خاب هؤلاء وخسروا قال أبو عمر في هذا الخبر حجة لمالك في كراهية أن يطوف أحد راكبا من غير عذر لازم وفيه إعلام بما كان عليه الصالحون من الرجال والنساء من الصبر على أعمال الطاعات وإن كان في بعضها رخصة طلبا للأجر وجزيل الثواب من الله (عز وجل) لم يجد رخصة من الله في الطواف بالبيت وبالصفا والمروة راكبا لدى العذر من مرض أو زمانه ألا ترى أنه لما اعتلوا له بالمرض لم ينكر عليهم ثم قال سرا كلاما معناه إن كان هؤلاء كذبوا فيما اعتلوا به فقد خابوا وخسروا وعلى كراهة الركوب بين الصفا والمروة من غير علة ولا ضرورة جمهور أهل العلم وبه قال مالك والكوفيون وإليه ذهب أحمد وإسحاق وروي ذلك عن عائشة وعروة وقال الشافعي لا بأس به وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله ولم يخبر بعلة ولا ضرورة وقال حدثني سعيد بن سالم عن بن جريج قال أخبرني أبو الزبير عن جابر قال طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته على راحلته بالبيت وبين الصفا والمروة ليراه الناس وليشرف لهم لأن الناس غشوه وقال بن جرير وأخبرني عطاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت وبين الصفا والمروة راكبا فقلت لعطاء لم قال لا أدري قال أبو عمر قد روي عن عطاء ومجاهد أنهما سعيا راكبين
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»