الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ٢١٧
الإفاضة كل طواف يعمله الحاج يوم النحر أو بعده في حجته وأما كل طواف يطوفه قبل يوم النحر فلا يجزئ عن طواف الإفاضة وهو قول إسماعيل بن إسحاق وأبي الفرج وجمهور أهل العلم قال أبو عمر وذلك والله أعلم لقول الله (عز وجل) * (ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق) * [الحج 29] فأمر الله (عز وجل) بالطواف بالبيت بعد قضاء التفث وذلك طواف يوم النحر بعد الوقوف بعرفة وأما طواف الدخول فلم يأمر الله به ولا رسوله وإن كان قد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم عند دخوله في حجة والدليل على أن طواف الدخول ليس بواجب إجماع العلماء على سقوطه عن المكي وعن المراهق الخائف فوت عرفة والله (عز وجل) قد افترض الحج على المكي وغيره إذا استطاعه فلو كان طواف الدخول فرضا لاستوى فيه المكي وغيره كما يستوون في طواف الإفاضة وقد قال بعض أهل العلم طواف الدخول للحاج كركعتي الداخل في المسجد لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما طافه في حجته وقال خذوا عني مناسككم صار نسكا مسنونا ومن ترك من نسكه شيئا غير الفرض جبره بالدم وقد أجمعوا أنه يجبر بالدم لمن طاف للإفاضة ولا يرجع إليه إذا أبعد عنه وليس هذا حكم طواف العلماء الذين هم حجة على من شذ عنهم وأما طواف الدخول إلى المعتمر فهو فرض في عمرته لأن العمرة الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة قال أبو عمر قد ذكرنا قول مالك فيمن قدم يوم عرفة أنه إن شاء أخر الطواف إلى يوم النحر وإن شاء طاف وسعى ذلك واسع وهذا من قوله بيان أن طواف الدخول ليس بواجب وهو الذي عليه الفقهاء وعامة العلماء قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد إذا ترك الحاج الدخول فطاف طواف الزيارة رمل في ثلاثة أطواف منها وسعى بين الصفا والمروة وقال الشافعي من طاف طواف الدخول على غير وضوء وفي ثياب غير طاهرة
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»