الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ٢٢٧
ويحتمل قوله هذا العلم إشارة إلى قول عائشة واحتجاجها بقوله (عز وجل) * (إن الصفا والمروة من شعائر الله) * [البقرة 158] أي قد جعل الطواف بينهما من الشعائر التي أرادها من عباده في الحج والعمرة كما قال * (إن الدين عند الله الإسلام) * [آل عمران 19] وهذا القول مع العلم سبب نزول الآية على وجوب السعي بين الصفا والمروة كما قال أهل الحجاز والله أعلم أخبرنا محمد بن إبراهيم قال حدثني محمد بن معاوية قال حدثني أحمد بن شعيب قال أخبرنا عمرو بن عثمان قال حدثني أبي عن شعيب عن الزهري عن عروة قال سألت عائشة عن قول الله (عز وجل) * (فلا جناح عليه أن يطوف بهما) * [البقرة 158] فوالله ما على أحد جناح أن لا يطوف بهما فقالت عائشة بئس ما قلت يا بن أختي إنما هذه الآية لو كانت كما أولتها كانت لا جناح عليه أن لا يطوف بهما ولكنها إنما أنزلت في الأنصار قبل أن يسلموا كانوا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدون عند المشلل وكان من أهل لها يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة فلما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك أنزل الله تعالى * (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما) * [البقرة 158] ثم قد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بهما فليس لأحد أن يترك الطواف بهما قال أحمد بن شعيب وأخبرنا محمد بن منصور قال حدثني سفيان عن الزهري عن عروة قال قرأت على عائشة * (فلا جناح عليه أن يطوف بهما) * [البقرة 158] قلت وما أبالي أن لا يطوف بهما قالت بئس ما قلت وذكر الخبر وفيه قال الزهري فذكرت ذلك لأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فأعجبه ذلك وقال سمعت رجالا من أهل العلم يقولون إنما كان من لا يطوف بين الصفا والمروة من العرب يقولون إن طوافا بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية وقال آخرون من الأنصار إنما أمرنا بالطواف بالبيت ولم نؤمر بين الصفا والمروة فأنزل الله (عز وجل) * (إن الصفا والمروة من شعائر الله) * [البقرة 158] قال أبو بكر بن عبد الرحمن فأراها قد نزلت في هؤلاء 798 - مالك عن هشام بن عروة أن سودة بنت عبد الله بن عمر كانت
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»