الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ٢٢٥
[البقرة 158] فما على الرجل شيء أن لا يطوف بهما فقالت عائشة كلا لو كان كما تقول لكانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما إنما أنزلت هذه الآية في الأنصار كانوا يهلون لمناة وكانت مناة حذو قديد وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله تبارك وتعالى * (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما) * [البقرة 158] قال أبو عمر أما قول عروة في هذا الحديث وأنا يومئذ حديث السن ففيه دليل على أنه إذا حدث بهذا الحديث كان يقول غير ما قاله إذ كان في غير السن وفي ذلك ما يدل على أن عروة ممن يذهب مذهب عائشة في وجوب السعي بين الصفا والمروة وإن كان قد اختلف عنه في ذلك وقد تقدم ما للعلماء في إيجاب السعي من الاختلاف في الباب قبل هذا وأما ما احتجت به عائشة (رضي الله عنها) من قولها لو كان كما تقول لكانت * (فلا جناح عليه أن يطوف بهما) * ولو كانت قراءة صحيحة ما جهلتها عائشة ولا عابت على عروة لأنه كان يجاوبها بأنها كانت قراءة أبي وبن مسعود وأنها مما نزل القرآن عليه ويشهد لما قلناه سقوطها من المصحف المجتمع عليه وأما مناة فصنم وهو الذي ذكر الله تعالى أنه أحد الأصنام الثلاثة في قوله تعالى * (ومناة الثالثة الأخرى) * [النجم 20] وإنما تحرج المسلمون من السعي بين الصفا والمروة لأنه كان [موضع] ذبائحهم لأصنامهم فأخبرهم الله تعالى أن الصفا والمروة من شعائر الله لئلا يتحرج من السعي بينهما والطواف بهما ذكر عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن عائشة قالت كان رجال من الأنصار ممن كان يهل لمناة في الجاهلية ومناة صنم بين مكة والمدينة
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»