قال أبو عمر معنى قوله ثم يطوف بعد أن يرجع من منى وقد رمى جمرة العقبة فيطوف يريد طواف الإفاضة فيغنيه عن طواف الدخول لا أنه يعيد طواف الدخول بعد طواف الإفاضة هذا لمن خشي أن يفوته الوقوف بعرفة قبل الفجر من ليلة النحر إن اشتغل بالطواف للدخول وهو الطواف الموصول بالسعي فأما من لم يخف ذلك فلا يجوز له ترك ذلك الطواف الموصول بالسعي والسعي وقد اتفق العلماء على أن المراهق وهو الخائف لما ذكرنا يسقط عنه طواف الدخول كما يسقط عن المكي ولا يرون في ذلك دما ولا غيره فإذا طاف المكي أو المراهق بالبيت بعد رمي الجمرة وصل طوافه ذلك بالسعي بين الصفا والمروة وقد روى جماعة من السلف أنهم كانوا يوافون مكة مراهقين خائفين لفوت عرفة فلا يطوفون ولا يسعون وينفضون إلى عرفة فإذا كان يوم النحر ورموا جمرة العقبة طافوا وسعوا ورملوا في طوافهم كما رملوا في طواف الدخول واختلف الفقهاء في الحاج القادم مكة يترك طواف الدخول حتى يخرج إلى منى من غير عذر فقال مالك إن قدم يوم التروية فلا يترك الطواف وإن قدم يوم عرفة إن شاء أخر الطواف إلى يوم النحر وإن شاء طاف وسعى كل ذلك واسع ذكره عنه بن وهب في موطئه وذلك دليل على أن لا طواف عند مالك فرضا إلا طواف الإفاضة كسائر العلماء وأن ما في المدونة أن الطوافين واجبان كلام على غير ظاهره وأن معناه أن وجوب طواف الدخول وجوب سنة من تركه عامدا غير مراهق لم يرجع إليه من بلده وعليه دم ووجوب طواف الإفاضة وجوب فرض لا يجزئ منه دم ولا غيره ولا بد من الإتيان به يوم النحر من بعد رمي الجمرة أو قبلها للصدر والوداع وما لم يكن للإفاضة أجزاه لأنه طواف بالبيت معمول في وقته ينوب عن طواف الإفاضة عند جماعة الفقهاء وقالت طائفة من أصحاب مالك إن طواف الدخول لمن عمله يجزئ عن طواف الإفاضة لمن نسيه إذا رجع إلى بلده وعليه دم كما ذكرنا عنهم في طواف الدخول أنه يجزيه بالدم من طاف للإفاضة ورجع إلى بلده وقال أهل المدينة من أصحاب مالك وهو قول سائر الفقهاء لا يجزئ طواف الدخول ولا ينوب عن طواف الإفاضة بحال من الأحوال وإنما يجزئ عندهم طواف
(٢١٦)