وقال * (ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون) * [آل عمران 75] وقال * (فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون) * [البقرة 2] وقال * (وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم) * [الصف 5] وقال * (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم) * [النمل 14] فهذا هو الكفر المجتمع عليه في الاسم الشرعي والاسم اللغوي والدليل على أن من جهل صفة من صفات الله تعالى لا يكون بها كافرا إذا كان مصدقا بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر وغيره سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القدر ومعناه قدم العلم أنه مكتوب عنده ما سبق في علمه وفي ذلك يجري خلفه [لا فيما يستأنف بل ما قد جف به القلم وكل صغير وكبير مسطر في اللوح المحفوظ] فأعلمهم أنه ما أخطأهم لم يكن ليصيبهم ومعلوم أنهم في حين سؤالهم وقبله كانوا مؤمنين وقد ذكرنا الآثار بهذا المعنى عنهم في التمهيد ولا يسع مسلما أن يقول فيه غير ذلك ولو كان لا يسعه جهل صفة من صفات الله تعالى وهي قدم العلم لعلمهم بذلك مع الشهادة بالتوحيد ويجعله عمودا سادسا للإسلام وقال آخرون أراد بقوله لئن قدر الله علي أي لئن كان قدر الله عليه والتخفيف في هذه اللفظة والتشديد سواء في اللغة فقدر [هنا] عند هؤلاء من القدر الذي هو الحكم وليس من باب القدرة والاستطاعة في شيء وهو مثل قوله (عز وجل) * (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه) * [الأنبياء 87] وللعلماء في تأويل هذه اللفظة في هذه الآية قولان أحدهما أنها من التقدير والقضاء والآخر أنها من التقتير والتضييق وقد ذكرنا من شواهد [الشعر] العربي على الوجهين جميعا في التمهيد ما فيه كفاية والمعنى في قول هؤلاء والله أعلم لئن ضيق الله علي وبالغ في محاسبتي ولم يغفر لي وجازاني على ذنوبي ليكونن ما ذكر والوجه الآخر كأنه قال لئن كان قد سبق في قدر الله وقضائه أن يعذب كل ذي جرم على جرمه ليعذبنني على ذنوبي عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين غيري
(٩٦)