وكذلك قوله تعالى * (كما بدأكم تعودون فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة) * [الأعراف 29 30] قال المروزي سمعت إسحاق بن إبراهيم بن راهويه يذهب إلى هذا المعنى واحتج بقول أبي هريرة اقرؤوا إن شئتم * (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله) * [الروم 30] قال إسحاق يقول لا تبديل لخلقته التي جبل عليها ولد آدم كلهم يعني من الكفر والإيمان والمعرفة والإنكار واحتج إسحاق أيضا بقوله (عز وجل) * (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) * [الأعراف 172] قال إسحاق أجمع أهل العلم أنها الأرواح قبل الأجساد فاستنطقهم وأشهدهم على أنفسهم * (ألست بربكم قالوا بلى) * فقال انظروا أن لا تقولوا * (إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم) * [الأعراف 172 173] واحتج إسحاق أيضا بحديث أبي بن كعب مرفوعا في الغلام الذي قتله الخضر أنه كان طبع كافرا وبأن بن عباس كان يقرأ (وأما الغلام فكان كافرا) وقد ذكرنا ما للعلماء في تأويل قول الله (عز وجل) * (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) * في التمهيد وسئل حماد بن سلمة عن قوله (عليه السلام) كل مولود يولد على الفطرة فقال هذا عندنا حيث أخذ العهد عليهم من أصلاب آبائهم وهو نحو ما تقدم من قول إسحاق وقد كان أحمد حينا يقول به وحينا يحيد عنه وقد تقصينا عن العلماء أهل الأثر الآثار الشاهدة لأقوالهم في التمهيد وأما أهل البدع فمنكرون لما قاله العلماء في تأويل قول الله (عز وجل) * (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) * [الأعراف 172] قالوا ما أخذ الله من آدم وذريته شيئا قط قبل خلقه إياهم وما خلقهم قط إلا في بطون أمهاتهم وما استخرج قط من ذرية آدم دونه مخاطب ولو كان ذلك لأحياهم ثلاث مرات قالوا وكيف يخاطب الله من لا يعقل وكيف يجيب من لا عقل له وكيف يحتج عليهم بميثاق لا يذكرونه وهو (تعالى ذكره) لا يؤاخذهم بما نسوا
(١٠٧)