فهذه الآثار قد بان فيها أن ذلك عند حضور الموت ومعاينة ما هنالك وذلك حين لا تقبل توبة التائب إن لم يتب قبل ذلك وروى شيبان عن قتادة في قوله (عز وجل) * (ولتعلمن نبأه بعد حين) * [ص 88] قال بعد الموت قال وقال الحسن يا بن آدم عند الموت يأتيك الخبر اليقين وروى الزنجي مسلم بن خالد عن بن جريج * (ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر) * [القيامة 18] قال عند الموت يعلم ما له من خير وشر 525 - مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال رجل لم يعمل حسنة قط لأهله إذا مات فحرقوه ثم أذروا نصفه في البر ونصفه في البحر فوالله لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين فلما مات الرجل فعلوا ما أمرهم به فأمر الله البر فجمع ما فيه ثم قال لم فعلت هذا قال من خشيتك يا رب وأنت أعلم قال فغفر له قد ذكرنا اختلاف الرواية عن مالك في رفع هذا الحديث وتوقيفه في التمهيد والصواب رفعه لأن مثله لا يكون رأيا وقد ذكرنا في التمهيد طرقا كثيرة لحديث أبي هريرة هذا وذكرنا من رواه معه من الصحابة رضي الله عنهم وفي رواية أبي رافع عن أبي هريرة في هذا الحديث أنه قال قال رجل لم يعمل خيرا قط إلا التوحيد وهذه اللفظة ترفع الإشكال في إيمان هذا الرجل والأصول كلها تعضدها والنظر يوجبها لأنه محال أن يغفر الله للذين يموتون وهم كفار لأن الله عز وجل قد أخبر أنه لا يغفر أن يشرك به وقال * (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) * [الأنفال 38] فمن لم ينته عن شركه ومات على كفر لم يك مغفورا له قال الله عز وجل * (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار) * [النساء 18] وأما قوله لم يعمل حسنة قط وقد روي لم يعمل خيرا قط أنه لم يعذبه إلا
(٩٤)