الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ٩٢
وأما قوله نسمة المؤمن فالنسمة الروح عند جماعة العلماء على ظاهر الحديث وحجتهم قوله في الحديث حتى يرجعه الله إلى جسده وقد قيل إن النسمة الإنسان لقوله صلى الله عليه وسلم من أعتق نسمة مؤمنة وقال علي (رضي الله عنه) لا والذي خلق الحبة وبرأ النسمة قال ذو الرمة (بأعظم منه تقى في الحساب * إذا النسمات نقضن الغبارا) (1) والعرب تعبر عن المعنى الواحد بألفاظ شتى وعن معان متقاربة بمعنى واحد هذا كثير في لغتها حدثنا عبد الوارث وسعيد قالا حدثنا قاسم قال حدثنا محمد قال حدثنا أبو بكر قال حدثنا معاوية عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق قال سألنا بن مسعود عن هذه الآية * (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) * [آل عمران 169] فقال أما إنا قد سألنا عن ذلك أرواحهم طير خضر تسرح في الجنة في أيها شاءت ثم تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش وذكر تمام الخبر وذكر بن أبي الدنيا قال حدثنا خالد بن خداش قال سمعت مالك بن أنس يقول بلغني أن أرواح المؤمنين مرسلة تذهب حيث شاءت 524 - مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال الله تبارك وتعالى إذا أحب عبدي لقائي أحببت لقاءه وإذا كره لقائي كرهت لقاءه قال أبو عبيد في معنى هذا الحديث ليس وجهه عندي أن يكون الإنسان يكره الموت وشدته فإن هذا لا يكاد يخلو منه أحد نبي ولا غيره ولكن المكروه من ذلك إيثار الدنيا والركون إليها وكراهية أن يصير إلى الله تعالى والدار الآخرة ويريد المقام في الدنيا ومما يبين ذلك أن الله تعالى قد عاب قوما بحب الحياة الدنيا فقال * (إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها) * [يونس
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»