الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٤
ولذلك أردف مالك حديثه المسند في هذا الباب بما بلغه عن القاسم بن محمد أن رجلا سأله فقال إني أهم (1) في صلاتي فيكثر ذلك علي فقال القاسم امض في صلاتك فإنه لن يذهب عنك حتى تنصرف وأنت تقول ما أتممت صلاتي قال أبو عمر هذا عندي فيمن يغلب عليه أنه يعتريه ذلك مع إتمام صلاته وأن تلك الوسوسة قد علم من نفسه فيها أنها تعتريه وقد أكمل ما عليه من العمل في الأغلب وأنه لا ينفك منها والأغلب عنده أنها وسوسة تنوبه مع حاله تلك ولم يكن يعرف من نفسه قبل أن يعتريه ذلك إلا الإتمام والله أعلم وأما من كان الأغلب عليه أنه لم يكمل صلاته فالحكم فيه أن يبني على يقينه فإن اعتراه ذلك فيما يبني لها أيضا عنه على ما جاء عن القاسم وغيره ويدلك على أن حديث هذا الباب غير حديث البناء على اليقين أن أبا سعيد الخدري هو الذي روى فيمن لم يدر أثلاثا صلى أم أربعا أن يصلي ركعة وهو على البناء على اليقين في أصل فرضه ألا يخرج عنه إلا بيقين وقد ذكرنا في الباب قبل هذا عند ذكر حديث مالك عن زيد بن أسلم في البناء على اليقين من قال من العلماء بالتحري في معنى هذا الحديث أيضا فأغنى ذلك عن ذكره ها هنا وقد روى أبو سعيد عن النبي عليه السلام أنه قال إذا صلى أحدكم فلم يدر أزاد أم نقص فليسجد سجدتين وهو قاعد فإذا أتاه الشيطان فقال إنك أحدثت فليقل كذبت إلا أن يجد ريحا بأنفه أو صوتا بأذنه (2) رواه يحيى بن أبي كثير عن هلال بن عياض عن أبي سعيد الخدري وقد أسندناه في التمهيد فهذا أبو سعيد الخدري قد روى في هذا المعنى مثل ما روى أبو هريرة وحصل في ذلك عن أبي سعيد حديثان ومحال أن يكون معناهما واحدا باختلاف ألفاظهما بل لكل واحد منهما موضع وهو ما ذكرنا من أن هذا في الذي يعتريه الشك دأبا لا ينفك منه قد استنكحه ومع ذلك فقد أتم في أغلب ظنه عند نفسه والحديث الآخر على من لم يدر أثلاثا صلى أم أربعا مثل حديث عبد الرحمن بن عوف وقد ذكرنا أسانيدها كلها في التمهيد
(٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»