الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٢٥٦
عن الحسن البصري قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون في أسفارهم على دوابهم أينما كانت وجوههم وهذا أمر مجتمع عليه لا خلاف فيه بين العلماء كلهم في تطوع المسافر على دابته حيث توجهت به للقبلة وغيرها يومئ إيماء يجعل السجود أخفض من الركوع ويتشهد ويسلم وهو جالس على دابته وفي محله إلا أن بينهم جماعة يستحبون أن يفتتح المصلي صلاته إلى القبلة في تطوعه على دابته محرم بها وهو مستقبل القبلة ثم لا يبالي حيث توجهت به ومنهم من لم يستحب ذلك وقال كما يجوز أن يكون في سائر صلاة إلى غير القبلة عامدا وهو عالم بذلك فكذلك يجوز افتتاحها إلى غير القبلة وإلى هذا ذهب مالك وأصحابه وذهب الشافعي وأحمد بن حنبل وأبو ثور إلى القول الأول واحتج بعضهم بحديث الجارود بن أبي سبرة عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر فأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة فكبر ثم صلى حيث وجهه ركابه (1) وقد ذكرنا إسناده في التمهيد وقال أحمد بن حنبل وأبو ثور هكذا ينبغي أن يفعل من يتنفل على راحلته في السفر وكان عبد الله بن عمر يقول في قول الله تعالى * (فأينما تولوا فثم وجه الله) * [البقرة 115] أنها نزلت في صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفره التطوع على الراحلة وهو تأويل حسن للآية تعضده السنة وفي الآية قولان غير هذا أحدهما أنها نزلت في قول اليهود في القبلة
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»