الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٢٦١
قتلهما فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في قبته بالأبطح بأعلى مكة فوجدت (فاطمة فأخبرتها) فكانت أشد علي من علي فقالت تؤمنين المشركين وتجيرينهم فبينما أنا أكلمها إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى وجهه وهج الغبار فقلت يا رسول الله إني أمنت حموين لي وإن بن أمي عليا يريد قتلهما فقال ما كان ذلك له قد أجرنا من أجرت وأمنا من أمنت ثم أمر فاطمة أن تسكب له غسلا فسكبت له في جفنة إني لأرى فيها أثر العجين ثم سترت عليه (فاغتسل فقام) فصلى الضحى ثماني ركعات في ثوب واحد قد خالف بين طرفيه لم أره صلاها قبل ولا بعد وفيه أن ستر ذوي المحارم عند (الاغتسال) مباح حسن وفيه جواز السلام على من يغتسل وفي حكم ذلك السلام على من يتوضأ ورد المتوضئ والمغتسل السلام في ذلك كرده لو لم تكن ذلك حالته وقد قال الله عز وجل وإذا حييتم بتحية فحيو بأحسن منها أو ردوها) [النساء 86] ولم يخص حالا من حال إلا حالا لا يجوز فيه الكلام وقد احتج بهذا الحديث من رد شهادة الأعمى وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يميز صوت أم هانئ مع علمه بها حتى قال لها من هذه فقالت أنا أم هانئ فلم يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم صوتها لأنه لم يرها وكل من لا يرى فذلك أحرى وفيه ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأخلاق الجميلة الحسنة وصلة الرحم وطيب الكلام ألا ترى إلى قوله عليه السلام مرحبا بأم هانئ ويروي مرحبا يا أم هانئ والرحب والتسهيل ما يستدل به على فرح المرور بالزائر وفرح المقصود إليه بالقاصد وهذا معلوم عند العرب قال شاعرهم (فقلت له أهلا وسهلا ومرحبا * فهذا مبيت صالح وصديق (1)) وهذا البيت من أبيات حسان لعمرو بن الأهتم وهو الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سمعه مدح الزبرقان بن برد ثم ذمه لم يتناقص في قوله إن من البيان لسحرا
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»