الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٠٠
وهذا كله يدل على سعة الوقت والحمد لله وقد تقدم قول القاسم بن محمد ما أدركت الناس إلا وهم يصلون الظهر بعشي وذكرنا هناك قول عمر لأبي محذورة - وهو معه بمكة إنك في بلدة حارة فأبرد ثم أبرد ثم أبرد وقال مالك إن أهل الأهواء لا يبردون يعني الخوارج وأما قوله اشتكت النار إلى ربها فقالت يا رب أكل بعضي بعضا فإن أهل العلم اختلفوا في ذلك فحمله بعضهم على الحقيقة وحمله منهم جماعة على المجاز فالذين حملوه على الحقيقة قالوا أنطقها الله الذي أنطق كل شيء وفهم عنها كما فهم عن الأيدي والأرجل والجلود وأخبر عن شهادتها ونطقها (1) وعن النمل بقولها (2) وعن الجبال بتسبيحها واحتجوا بقوله تعالى " يا جبال أوبي معه سبأ 10] أي سبحي معه وبقوله " يسبحن بالعشي والإشراق " [ص 18] وبقوله " وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم " [الإسراء 44] وبقوله " وتقول هل من مزيد " [ق 30] وبقوله " سمعوا لها تغيظا وزفيرا " [الفرقان 12] وبقوله " قالتا أتينا طائعين " [فصلت 11] فلما كان مثل هذا - وهو في القرآن كثير - حملوا بكاء السماء والأرض (3 " وانفطار السماء وانشقاق الأرض (4) وهبوط الحجارة من خشية الله (5) كل ذلك وما كان مثله على الحقيقة وكذلك إرادة الجدار الانقضاض واحتجوا على صحة ما ذهبوا إليه من الحقيقة في ذلك بقوله تعالى * (يقص الحق) * [الأنعام
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»