الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٠٤
تابع يحيى على قوله في هذا الحديث عن عبد الله الصنابحي جمهور الرواة منهم القعنبي وغيره قال فيه مطرف عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي عبد الله الصنابحي وتابعه إسحاق بن عيسى الطباع وطائفة وهو الصواب وهو أبو عبد الله الصنابحي واسمه عبد الرحمن بن عسيلة وقد ذكرنا في التمهيد خبره وأنه من كبار التابعين لا صحبة له وروينا عنه أنه قال لم يكن بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا خمس ليال توفي وأنا بالجحفة فقدمت وأصحابه متوافدون وعن بن وهب عن عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن الحسن عن الصنابحي قال خرجنا من اليمن مهاجرين فقدمنا الجحفة فأقبل راكب فقلت الخبر فقال دفنا رسول الله منذ خمس ليال واضطرب بن معين في حديث الصنابحي هذا فمرة قال يشبه أن تكون له صحبة ومرة قال أحاديثه مرسلة ليس له صحبة وهذا هو الصحيح وقد أوضحنا هذا المعنى عند ذكر هذا الحديث وأحاديث الصنابحي التي في الموطأ مشهورة جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق شتى من حديث أهل الشام وممن رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن عبسة وأبو أمامة الباهلي وعقبة بن عامر ومرة بن كعب البهزي وقد ذكرناها بطرقها في ((التمهيد)) وأما قوله عليه السلام ((إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان)) وفي بعض الروايات ((تطلع بين قرني الشيطان)) - وقد ذكرنا الآثار بذلك كله في التمهيد - فإن للعلماء في ذلك قولين أحدهما أن ذلك اللفظ على الحقيقة فإنها تطلع وتغرب على قرن الشيطان وعلى رأس الشيطان وبين قرني شيطان على ظاهر الحديث حقيقة لا مجازا من غير تكييف لأنه لا يكيف ما لا يرى وحجة من قال هذا القول - حديث عكرمة عن بن عباس أنه قال له ((أرأيت ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في أمية بن أبي الصلت آمن شعره وكفر قلبه قال هو حق فما أنكرتم من شعره قالوا أنكرنا قوله (والشمس تطلع كل آخر ليلة * حمراء يصبح لونها يتورد (1)) (ليست بطالعة لهم في رسلها * إلا معذبة وإلا تجلد
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»