الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٩٦
فلذلك قلنا إن قوله صلى الله عليه وسلم ((جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا)) ناسخ للصلاة في ذلك الوادي وغيره وفي كل موضع من الأرض طاهر وقد ذكرنا في ((التمهيد)) اختلاف الفقهاء في الصلاة في المقبرة والحمام وأتينا بالحجة من طريق الآثار والاعتبار على من قال إنها مقبرة المشركين في باب ((مرسل زيد بن أسلم)) من ((التمهيد)) والحمد لله ولما لم يجز أن يقال في نهيه عن الصلاة في المزبلة والمجزرة والمقبرة والحمام ومحجة الطريق ومعاطن الإبل (1) مزبلة كذا ولا مجزرة كذا ولا حمام كذا فكذلك لا يجوز أن يقال مقبرة كذا ولا أن يقال مقبرة المشركين فلا حجة ولا دليل وأقام الدليل على أن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بناه في مقبرة المشركين وقد أوضحنا هذا الحديث بما فيه كفاية في باب ((مرسل زيد بن أسلم)) من ((التمهيد)) وأما قوله في مرسل حديث زيد هنا ((ثم أمر بلالا أن يؤذن أو يقيم)) فهكذا رواه مالك على الشك وقد مضى ما للعلماء من التنازع والأقوال في الأذان للفوائت من الصلوات في الحديث قبل هذا ومضى المعنى في النفس والروح فلا معنى لإعادة ذلك هنا وأما قوله ((فإذا رقد أحدكم عن الصلاة أو نسيها ثم فزع إليها فليصلها إذا ذكرها كما كان يصليها في وقتها)) فقد مضى ما لمالك وأصحابه والكوفيين في تأويل ذلك وتقدم أيضا قولهم في استنباطهم من قوله عليه السلام ((فليصلها إذا ذكرها)) وجوب ترتيب الصلوات الفوائت إذا كانت صلاة يوم وليلة وقول الشافعي ومن تابعة في إسقاط وجوب الترتيب في ذلك وتأويل الحديث عندهم وما ذهب إليه كل فريق منهم ووجوه أقوالهم وتلخيص مذاهبهم كل هذا في هذا الباب مجود والحمد لله فلا معنى لإعادة شيء من ذلك هنا والله الموفق للصواب
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»