فإذا ذكرها وهو في صلاة فكأنها مع صلاة الوقت صلاتان من يوم واحد اجتمعتا عليه في وقت واحد فالواجب أن يبدأ بالأولى منهما فلذلك فسدت عليه التي هو فيها كما لو صلى العصر قبل صلاة الظهر من ذلك اليوم وفسادها من جهة الترتيب إلا أن ذلك عند مالك وأصحابه ومن يقول بقولهم لا تجب إلا مع الذكر وحصول الوقت بالترتيب وقلة العدد وذلك صلاة يوم فما دون فإذا خرج الوقت سقط الترتيب وكذلك سقط الترتيب مع كثرة العدد لما في ذلك من المشقة وما لا يطاق عليه ويفحش القياس فيه لأنه لو ذكر صلاة عام فرط فيها أو ذكر صلاة بين وقتها وبين صلاة وقته عام قبح بالمفتى أن يأمره بصلاة عام ونحوه قبل أن يصلي صلاة وقته واحتج بعضهم في وجوب الترتيب بحديث أبي جمعة واسمه حبيب بن سباع وله صحبة قال ((صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب يوم الأحزاب فلما سلم قال هل علم أحد منكم أني صليت العصر قالوا لا يا رسول الله قال فصلى العصر ثم صلى المغرب)) وهذا حديث لا يعرف إلا عن بن لهيعة عن مجهولين لا تقوم بهم حجة وقال الشافعي وداود بن علي وأبو جعفر الطبري لا يلزم الترتيب في شيء من ذلك وقالوا فيمن ذكر صلاة وهو في صلاة غيرها وحده أو وراء إمام يتمادى في صلاته فإذا أتمها صلى التي ذكر ولم يعد الأخرى بعدها وليس الترتيب عند هؤلاء بواجب فيما قل ولا فيما كثر إلا في صلاة اليوم بعينه وحجتهم أن الترتيب إنما يجب في اليوم وأوقاته كما يجب ترتيب أيام رمضان في رمضان لا في غيره فإذا خرج الوقت سقط الترتيب ألا ترى أن رمضان تجب الرتبة فيه والنسق لوقته فإذا انقضى سقطت الرتبة ولم يجب على الذي لم يصمه في وقته لمرض أو سفر إلا عدة من أيام أخر وكذلك من عليه أيام من شهر رمضان فلم يصمها حتى دخل عليه رمضان آخر أنه يصومه ثم يصوم الأيام من الأول بعده ولا يعيده وهذا إجماع من علماء المسلمين وإنما اختلفوا في الإطعام مع قضاء الأيام لمن فرط وهو قادر على الصيام
(٨٩)