الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٠٥
فما بال الشمس تجلد فقال والذي نفسي بيده ما طلعت الشمس قط حتى ينخسها سبعون ألف ملك فيقولون لها اطلعي اطلعي [فتقول] لا أطلع على قوم يعبدونني من دون الله فيأتيها ملك عن الله يأمرها بالطلوع فتشتعل لضياء بني آدم فيأتيها شيطان يريد أن يصدها عن الطلوع فتطلع بين قرنيه فيحرقه الله عنها وما غربت الشمس قط إلا خرت ساجدة فيأتيها شيطان يريد أن يصدها عن السجود فتغرب بين عينيه فيحرقه الله تحتها وذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ما طلعت إلا بين قرني شيطان ولا غربت إلا بين قرني شيطان)) وقد ذكرنا إسناد حديث عكرمة هذا في ((التمهيد)) وقال آخرون معنى هذا الحديث عندنا على المجاز واتساع الكلام وأنه أريد بقرن الشيطان هنا أمة تعبد الشمس وتسجد لها وتصلي في حين غروبها وطلوعها تقصد بذلك الشمس من دون الله وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره التشبه بالكفار في شيء من أمورهم ويحب مخالفتهم فنهى عن الصلاة في هذه الأوقات لذلك وهذا التأويل جائز في لغة العرب معروف في لسانها لأن الأمة تسمى عندهم قرنا والأمم قرونا قال الله تعالى * (وكم أهلكنا قبلهم من قرن) * [مريم 74] * (وقرونا بين ذلك كثيرا) * [الفرقان 38] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((خير الناس قرني)) (1) وجائز أن يضاف القرن إلى الشيطان لطاعتهم له وقد سمى الله الكفار حزب الشيطان ومن حجة من تأول هذا التأويل في هذا الحديث من طريق الآثار حديث عمرو بن عبسة السلمي وقد ذكرناه من طرق كثيرة في التمهيد وفيه ((فإذا طلعت الشمس فأقصر عن الصلاة فإنها تطلع على قرن الشيطان ويصلي لها الكفار
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»