الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٣٣٤
وقد روي عن بن عمر وسعيد بن المسيب وسالم وعطاء وطاوس ومجاهد والشعبي والزهري يحيى بن سعيد الأنصاري في الذي يصلي بالثوب فيه نجاسة وهو لا يعلم ثم علم أنه لا إعادة عليه وبه قال إسحاق واحتج بحديث أبي سعيد المذكور ومالك - رحمه الله - مذهبه في هذه المسألة نحو مذهب هؤلاء لأنه لا يرى الإعادة إلا في الوقت والإعادة في الوقت استحباب لاستدراك فضل السنة في الوقت ولا يستدرك فضل السنة بعد الوقت لإجماع العلماء على أن من صلى وحده في الوقت ووجد قوما يصلون جماعة بعد الوقت قد فاتتهم تلك الصلاة بنوم أو عذر - أنه لا يصلي معهم وكلهم يأمره لو كان في الوقت - أن يعيد الظهر والعشاء هذا ما لم يختلفوا فيه وقد اختلفوا فيما عدا هاتين الصلاتين على ما نذكره في بابه من هذا الكتاب إن شاء الله ومن ها هنا قال أصحابنا مذهب مالك في غسل النجاسات أنه سنة لا فرض وجملة قول مالك في هذا الباب أن إزالة النجاسة من الثياب والأبدان واجبة بالسنة وليست بوجوب فرض وعلى ذلك جماعة أصحابه إلا أبا الفرج فإن غسلها عنده فرض واجب قالوا ومن صلى بثوب نجس أعاد في الوقت فإن خرج الوقت فلا إعادة عليه وحجة أبي الفرج ومن قال قوله من المالكيين - وهو قول الشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق وقد تقدم إلى القول به الحسن ومحمد بن سيرين عالما أهل البصرة وروي عن بن عباس معنى ذلك ذكر محمد بن المثنى ومحمد بن يسار قالا حدثنا يحيى بن سعيد عن بن جريج عن عطاء عن بن عباس في قوله * (وثيابك فطهر) * قال في كلام العرب أنقها إنها القلب وقال بن المثنى في حديثه أنق الثياب فالحجة لهم ظاهر قوله تعالى * (وثيابك فطهر) * والثياب غير القلوب عند العرب وهي لغة القرآن وسنة النبي صلى الله عليه وسلم في غسل الدماء والأنجاس من الأبدان والثياب والنعال وقد ذكرنا الآثار بذلك في موضعه من التمهيد وإجماع العلماء على أن من صلى وثوبه الذي يستر عورته قد امتلأ بولا أو عذرة أو دما وهو عامد فلا صلاة له وعليه الإعادة في الوقت وبعده وهذا كله دليل عندهم على أن غسل النجاسات فرض واجب وبالله التوفيق
(٣٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 ... » »»