وتأولوا قوله تعالى * (وثيابك فطهر) * على ما تأوله عليه جمهور السلف من أنها طهارة القلب وطهارة الجيب ونزاهة النفس عن الدنايا والآثام والذنوب وذكروا قول سعيد بن جبير اقرأ علي آية بغسل الثياب ذكره أبو بكر قال حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن أبي شيخ عن سعيد بن جبير قال اقرأ على آية بغسل الثياب قالوا وقول بن سيرين إنه أراد بذلك تطهير الثياب - شذوذ لم يقله غيره وقد أشبعنا هذا المعنى بأقاويل المفسرين من السلف ومن تابعهم من الفقهاء في التمهيد بالآثار والنظر والاعتبار والحمد لله وتقصينا هناك أقاويل الفقهاء فيمن صلى بثوب نجس أو على ثوب نجس أو على موضع نجس أو كانت في بدنه نجاسة أو تيمم على موضع نجس فمن أراد ذلك تأمله هناك ومن الحجة لمن جعل غسل النجاسة (سنة) حديث حماد بن سلمة عن أبي نعامة السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال ((بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره فلما رأى ذلك القوم خلعوا نعالهم فلما قضى رسول الله صلاته قال ما حملكم على إلقائكم نعالكم فقالوا رأيناك ألقيت نعالك فألقينا نعالنا فقال رسول الله إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا)) (1) وقد ذكرناه في التمهيد مسندا ومرسلا من وجوه وذكرنا هناك بمثل ذلك حديث بن مسعود أيضا ذكره بن أبي شيبة عن أبي غسان مالك بن إسماعيل النهدي عن زهير بن معاوية عن أبي حمزة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال خلع النبي - عليه السلام - نعليه وهو يصلي فخلع من خلفه فقال ما حملكم على خلع نعالكم قالوا يا رسول الله إنك خلعت فخلعنا فقال إن جبريل أخبرني أن في إحداهما قذرا فإنما خلعتهما لذلك فلا تخلعوا نعالكم)) (2) ولما بنى - عليه السلام - على ما صلى بالنجاسة ولم يقطع صلاته لذلك - علمنا أن غسلها لم يكن واجبا ولو كان واجبا فرضا لم تكن صلاة من صلى بها جائزة ولما تمادى في صلاته إذ رآها وعلمها في نعليه
(٣٣٣)