الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٣٣١
وقوله ((ولتنضحه)) يريد ولتغسله والنضح الغسل وهو المعروف في اللسان العربي أنه قد يراد بالنضح الغسل بالماء وهذا الحديث أصل في غسل النجاسات من الثياب لأن الدم نجس إذا كان مسفوحا ومعنى المسفوح الجاري الكثير ولا خلاف أن الدم المسفوح رجس نجس وأن القليل من الدم الذي لا يكون جاريا مسفوحا متجاوز عنه وليس الدم كسائر النجاسات التي قليلها رجس مثل كثيرها وقد ذكرت في التمهيد عن أبي طوالة عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر قال أدركت فقهاءنا يقولون ما أذهبه الحك من الدم فلا يضر وأما أخرجه الفتل مما يخرج من الأنف فلا يضر وقال مجاهد لم يكن أبو هريرة يرى بالقطرة والقطرتين من الدم بأسا في الصلاة وتنخم بن أبي أوفى دما في الصلاة وعصر بن عمر بثرة فخرج منها شيء من دم أو قيح فمسحه بيده وصلى ولم يتوضأ وذكر بن المبارك عن المبارك بن فضالة عن الحسن أن النبي - عليه السلام - كان يقتل القملة في الصلاة ومعلوم أن في قتل القملة دما يسيرا وقد ذكرنا هذه الآثار بأسانيدها في التمهيد وقد تقدم في فتل سالم لما خرج من أنفه من الرعاف وفي هذا المعنى كفاية وأجمع العلماء على غسل النجاسات كلها من الثياب والبدن وألا يصلى بشيء منها في الأرض ولا في الثياب وأما العذرات وأبوال ما لا يؤكل لحمه فقليل ذلك وكثيره رجس وكثيره رجس نجس عند الجمهور من السلف وعليه فقهاء الأمصار واختلفوا هل غسل النجاسات على ما وصفنا فرض أو سنة فقال منهم قائلون غسلها فرض واجب ولا تجزئ صلاة من صلى بثوب نجس عالما كان بذلك أو ساهيا عنه واحتجوا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بغسل الأنجاس من الثياب والأرض والبدن فمن ذلك حديث هذا الباب وهو حديث أسماء في غسل دم الحيض من الثوب ولم تخص منه مقدار درهم من غيره
(٣٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 ... » »»