أحل الله جل ثناؤه طعام أهل الكتاب وكان طعامهم عند بعض من حفظت عنه من أهل التفسير ذبائحهم وكانت الآثار تدل على إحلال ذبائحهم.
فإن كانت ذبائحهم يسمونها لله فهي حلال وإن كان لهم ذبح آخر يسمون عليه غير اسم الله مثل اسم المسيح لم حل هذا من ذبائحهم وبسط الكلام فيه.
وقد روينا عن ابن عباس ثم عن مجاهد ومكحول أنهم قالوا:
طعامهم ذبائحهم.
وقرأت في كتاب أبي عبد الله الحليمي أن اليهود والنصارى يذبحون لله عز وجل لأن معبودهم في أصل دينهما ليس إلا الله تعالى جده وإياه ينجوان بذبائحهما.
قال: ولو أن نصرانيا قال سرا: باسم المسيح أو باسم عيسى فلا يخلو من أن يكون ذابحا لله تعالى جده لأنه لا يقول هذا القول من النصارى إلا من يزعم أن الله تعالى حال في المسيح ومتحد به وليس عيسى سواه ولا متميزا عنه.
لا أنه يقول لا شيء سوى عيسى.
وإذا كان كذلك فهو إذا قال: باسم المسيح فإنما يخص المسيح بالتسمية لما هو مختص به عنده واختصاصه عنده بأن الإله متحد به قد صار قصده [214 / أ] / إذا من ذكر المسيح ذكر الإله فحصل ذابحا لله فلذلك حلت ذبيحته. والله أعلم.
وأما صاحب التقريب فإنه حكى عن الشافعي ما حكيناه من ذبح النصارى للمسيح ثم قال:
ومعناه: أن يذبحه له فأما إن ذكر المسيح على معنى الصلاة كالصلاة على رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فجائز.
قال الشافعي:
وأحب للمرء أن يتولى ذبح نسكه فإنه يرى أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال لامرأة من أهله فاطمة أو غيرها:
' أحضري ذبح نسكك فإنه يغفر لك عند أول قطرة منها '.