مثقالا من ذهب في تمر معلوم إلى أجل كذا وكذا فأعطاها الرجل فقال اغد عليهم فأعنهم بها فقال زيد بن سعنة فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاث أتيته فأخذت بمجامع قميصه وردائه ونظر ت إليه بوجه غليظ فقلت له ألا تقضيني يا محمد حقي فوالله ما علمتكم بني عبد المطلب لمطل ولقد كان لي تتغنى علم ونظرت إلى عمر وإذا عيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير ثم رماني ببصره فقال يا عدو الله أتقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسمع وتصنع به ما أرى فوالذي بعثه بالحق لولا ما أحاذر قوته لضربت بسيفي رأسك ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة ثم قال يا عمر أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا أن تأمرني بحسن الأداء وتأمره بحسن التباعة اذهب به يا عمر واعطه حقه وزده عشرين صاعا من تمر مكان ما رعته قال زيد فذهب بي عمر رضي الله عنه فأعطاني حقي وزادني عشرين صاعا من تمر فقلت ما هذه الزيادة يا عمر فقال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أزيدك مكان ما رعتك قلت وتعرفني يا عمر قال لا من أنت قلت أنا زيد بن سعنة قال الحبر قلت الحبر قال فما دعاك أن فعلت برسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعلت وقلت له ما قلت قلت يا عمر لم تكن من علامات النبوة شئ إلا وقد عرفته في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبرهما منه يسبق حلمه جهله ولا يزيده الجهل عليه إلا حلما فقد أخبرتهما فأشهدك يا عمر أني قد رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وأشهدك أن شطر مالكا وإني أكثرها مالا صدقة على أمة محمد فقال عمر رضي الله عنه أو على بعضهم فإنك لا تسعهم قلت أو على بعضهم فرجع عمر وزيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال زيد أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وآمن به وصدقه وبايعه وشهد معه مشاهد كثيرة ثم توفي زيد في غزوة تبوك مقبلا غير مدبر رحم الله زيدا
(٢٢٣)