بالعلم دليلا ورائدا، لا يقطعهم عنه جوع ولا ظمأ، ولا يملهم منه صيف ولا شتاء، مائزين الأثر: صحيحه من سقيمه، وقويه من ضعيفه، بألباب حازمة، وآراء ثاقبة، وقلوب للحق واعية، فأمنت تمويه المموهين، واختراع الملحدين، وافتراء الكاذبين، فلو رأيتهم في ليلهم، وقد انتصبوا لنسخ ما سمعوا، وتصحيح ما جمعوا، هاجرين الفرش الوطي، والمضجع (ظ ص 33) الشهي، قد (س و 28: آ) غشيهم النعاس فأنامهم، وتساقطت من أكفهم أقلامهم، فانتبهوا مذعورين قد أوجع الكد أصلابهم، وتيه السهر ألبابهم، فتمطوا وكان ليريحوا الأبدان، وتحولوا ليفقدوا النوم من مكان إلى مكان، ودلكوا بأيديهم عيونهم، ثم عادوا إلى الكتابة حرصا عليها، وميلا بأهوائهم إليها - لعلمت أنهم حرس الاسلام. وخزان الملك العلام، فإذا قضوا من بعض ما راموا أوطارهم، انصرفوا قاصدين ديارهم، فلزموا المساجد، وعمروا المشاهد، لابسين ثوب الخضوع، مسالمين ومسلمين، (م و 16: آ) يمشون على الأرض هونا، لا يؤذون جارا، ولا يقارفون عارا، حتى إذا زاغ زائغ، أو مرق في الدين مارق، خرجوا خروج الأسد من الآجام، يناضلون عن معالم الاسلام - في كلام غير هذا في ذكرهم يطول.
110 - وقال بعض الشعراء المحدثين:
ولقد غدوت على المحدث آنفا * فإذا بحضرته ظباء رتع