أين كانت وجهتها، وما كان يقوله عند كل فعل يحدثه (م و 3: ب) ويفعله عند كل موقف ومشهد يشهده، تعظيما له صلى الله عليه وسلم، ومعرفة بأقدار ما ذكر عنه وأسند إليه، فمن عرف للإسلام حقه، وأوجب للرسول حرمته - أكبر أن يحتقر من عظم الله شأنه، وأعلى مكانه، وأظهر حجته وإبان فضيلته، ولم يرتق بطعنه إلى حزب الرسول وأتباع الوحي، وأوعية الدين، ونقلة الأحكام والقرآن، الذين ذكرهم الله عز وجل في التنزيل، فقال: (والذين اتبعوهم باحسان) فإنك إن أردت التوصل إلى معرفة هذا القرن، لم يذكرهم لك إلا راو للحديث، متحقق به، أو داخل في حيز أهله، ومن سوى ذلك فربك بهم أعلم، وقد كان بعض (ك و 2: ب) شيوخ العلم، ممن جلس مجلس الرياسة، واستحقها لعلمه وفضله - لحقه بمدينة السلام من أهل الحديث جفاء، قلق عنده، وغمه ما شاهد من عقد المجالس ونصب المنابر لغيره، وتكاثف الناس في مجلس من لا يدانيه في علمه ومحله، فعرض بأصحاب الحديث في كلام له، يفتتح به بعض ما صنف، فقال: «يترك المحدث حتى إذا بلغ الثمانين من عمره وكان (س و 3: ب) مصيره إلى قبره - قيل عند الشيخ حديث غريب فاكتبوه»، فلم ينقص هذا القول من غيره ما نقص من نفسه، لظهور العصبية فيه، ولأنه عول في أكثر ما أودعه كتبه وأكثر الرواية عنه على طبقه لا يعرفون إلا الحديث، ولا ينتحلون سواه، وهم عيون رجاله، ليس فيهم أحد يذكر بالدراية ولا يحسن غير الرواية، فإلا تأدب بأدب العلم،
(١٦٠)