48 - وحكى لي حاك أن الأوزاعي سئل عن الغلام يكتب الحديث قبل أن يبلغ الحد الذي تجري عليه فيه الأحكام، فقال: إذا ضبط الاملاء جاز سماعه، وإن كان دون العشر، واحتج بحديث سبرة بن معبد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر)، وهذه حكاية عن الأوزاعي، ولا أعرف صحتها، إلا أنها صحيحة الاعتبار، لأن الأمر بالصلاة والضرب عليها إنما هو على وجه الرياضة، لا على وجه الوجوب، وكذلك كتب الحديث إنما هو للقاء وتحصيل السماع، وإذا كان هذا هكذا، فليس المعتبر في كتب الحديث (م و 8: ب) البلوغ ولا غيره، بل تعتبر فيه الحركة والنضاجة والتيقظ والضبط، وقد دل قول الزهري (ما رأيت طالبا للعلم أصغر من ابن عيينة) على أن طلاب الحديث عصر التابعين كانوا في حدود العشرين (س و 12: ب) وكذلك يذكر عن أهل الكوفة، فأخبرني عدة من شيوخنا (أنه قيل لموسى بن إسحاق: كيف لم تكتب عن أبي نعيم؟ قال: كان أهل الكوفة لا يخرجون أولادهم في طلب العلم صغارا حتى يستكملوا عشرين سنة)، وحدثني من ذكر انه سمع محمد بن (ك و 6: ب) عبد الله الحضرمي يقول ذلك أيضا. وولد الحضرمي سنة مائتين ومات أبو نعيم سنة تسع عشرة.
(١٨٦)