فاختصر طريقا قريبا حتى يسبقهم إلى موسى فأخبره الخبر وذلك من الفتون يا بن جبير فخرج موسى متوجها نحو مدين لم يلق بلاء قبل ذلك وليس له بالطريق علم إلا حسن ظنه بربه عز وجل فإنه قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان يعني بذلك حابستين غنمهما فقال لهما ما خطبكما معتزلتين لا تسقيان من الناس قالتا ليس لنا قوة نزاحم القوم وإنما ننتظر فضول حياضهم فسقى لهم فجعل يغرف في الدلو ماء كثيرا حتى كان أول الرعاء فراغا فانصرفتا بغنمهما إلى أبيهما وانصرف موسى فاستظل بشجرة فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير فاستنكر أبوهما سرعة صدورهما بغنمهما حفلا بطانا فقال إن لكما اليوم لشأنا فأخبرتاه بما صنع موسى فأمر إحداهما تدعوه له فأتت موسى فدعته فلما كلمة قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين ليس لفرعون ولا لقومه علينا سلطان ولسنا في مملكته قال قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين فاحتملته الغيرة على أن قال وما يدريك ما قوته وما أمانته قالت أما قوته فما رأيت منه
(١٨)