مسند أبي يعلى - أبو يعلى الموصلي - ج ٢ - الصفحة ٤٩
مسند سعد بن أبي وقاص (*) - 1 (689) - حدثنا عمرو الناقد، حدثنا الوليد، حدثنا...
* هو سعد بن مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة القرشي، الزهري أسلم قديما قبل أن تفرض الصلاة، وكان ثالثا في الاسلام، ومن المهاجرين الأولين، شهد بدرا وما بعدها وهو فارس الاسلام، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد السبعة السابقين بالاسلام، وأحد الستة أصحاب الشورى، والحارس للنبي صلى الله عليه وسلم في مغازيه.
وهو الذي جمع النبي له أبويه فقال: " ارم فداك أبي وأمي أيها الغلام الحروز، اللهم سدد رميته وأجب دعوته " ثم قال: " هذا خالي فليأت كل رجل بخاله "، ودعا له بالشفاء من جرحه فشفي، وشهد له بالجنة والشهادة.
وكان أول من رمى بسهم في سبيل الله، وأول من أراق دما في سبيل الله، وهازم الفرس بالقادسية، وبجلولاء، وفاتح المدائن، وباني الكوفة وواليها، والمجاب الدعوة. وقد نزل فيه، وبسببه آيات من كتاب الله تعالى، منها قوله تعالى: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما، وصاحبهما في الدنيا معروفا.) [لقمان: ١٤]. وقوله تعالى: (يسألونك عن الأنفال) [الأنفال: ١]، وقوله تعالى:
(ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه [الانعام: ٥٢] وأما أخباره في الشجاعة، والشدة في دين الله، واتباع السنة، والزهد، والورع، وإجابة الدعوة، والتواضع، والصدق والصدقة كثيرة واسعة، توفي سنة (٥٥ هجري) وهو ابن اثنين وثمانين سنة، ولتفصيل هذا انظر سير أعلام النبلاء ١ / ٩٢ - ١٢٤ = أبي مليكة، عن عبيد الله بن أبي نهيك، وقد خالفها الليث بن سعد فقال:
عبد الله بن أبي مليكة، عن عبد الله بن أبي نهيك، عن سعد " وقال الحاكم:
" قد اتفقت رواية عمرو بن دينار، وابن جريح، وسعيد بن حسان، عن ابن مليكة، عن عبيد الله بن أبي نهيك، وقد خالفها الليث بن سعد فقال:
عبد الله بن أبي مليكة، عن عبد الله بن أبي نهيك ".
ثم أورد حديث الليث من طريق يحيى بن بكير، وقتيبة بن سعيد، وقال:
" ليس تدفع رواية الليث تلك الروايات عن عبيد الله بن أبي نهيك، فإنهما أخوان تابعيان، والدليل على صحة الروايتين رواية عمرو بن الحارث، وهو أحد الحفاظ الاثبات عن ابن أبي مليكة ".
وأورد الحديث من طريق عبد الله بن وهب، أنبأنا عمرو بن الحارث، عن ابن أبي مليكة، عن ناس دخلوا على سعد. وقال: " وهذه الرواية تدل على أن ابن أبي مليكة لم يسمعه من راو واحد، وإنما سمعه من رواة لسعد ".
وقد ورد التغني بالقرآن عن أكثر من صحابي، وتعددت الأقوال في معنى " التغني ".
قال ابن الجوزي: " اختلفوا في معنى قوله: تغني، على أربعة أقوال:
أحدها تحسين الصوت، والثاني: الاستغناء، والثالث: التحزن - قال ه الشافعي -.
والرابع: التشاغل به ". وأضاف الحافظ في الفتح أقوالا أخرى، ثم قال:
" والحاصل انه يمكن الجمع بين أكثر هذه الأقوال والتأويلات المذكورة، وهو أنه يحسن به صوته، جاهرا به، مترنما على طريق التحزن، مستغنيا به عن غيره من الاخبار، طالبا به غني النفس، راجيا به غني اليد، وقد نظمت ذلك في بيتين:
تغن بالقرآن، حسن به الصوت حزينا، جاهرا، رنم واستغن عن كتب الالى طالبا غني يد، والنفس، ثم الزم وقال: " ولا شك أن النفوس تميل إلى سماع القراءة بالترنم، أكثر من ميلها لمن لا يترنم، لان للتطريب تأثير في رقة القلب، وإجراء الدمع ".
وقوله: " ليس منا " أي: ليس من العاملين بسنتنا، الجارين على طريقتنا، ولتمام الفائدة انظر صحيح ابن حبان - الحديث (١٢٠) بتحقيقنا، وفتح الباري ٩ / 68 - 72، وسنن البيهقي 1 / 229 - 231.