مسند أبي يعلى - أبو يعلى الموصلي - ج ٢ - الصفحة ٢٨٩
36 (1009) حدثنا أبو بكر، حدثنا ابن نمير، عن الأعمش، عن إسماعيل، بن رجاء، عن أبيه قال:
أخرج مروان المنبر، وبدأ بالخطبة قبل الصلاة، فقام رجل فقال: يا مروان، خالفت السنة: أخرجت المنبر ولم يكن يخرج، وبدأت بالخطبة قبل الصلاة. فقال أبو سعيد: من هذا؟ قالوا:
فلان. قال: أما هذا فقد قضى ما عليه، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من رأى منكرا فليغير بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذاك أضعف الايمان " (1)...

(١) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد ٣ / ٥٢ - ٥٣، ومسلم في الايمان (٤٩) (٧٩) باب: بيان كون النهي عن المنكر من الايمان، وأبو داود في الصلاة، (١١٤٠) باب: الخطبة يوم العبد، وفي الملاحم (٤٣٤٠) باب: الأمر والنهي، وابن ماجة في الإقامة (١٢٧٥) باب: ما جاء في صلاة العيدين، وفي الفتن (٤٠١٣) باب:
الامر بالمعروف، والنهي عن المنكر، من طرق عن الأعمش، بهذا الاسناد.
وأخرجه أحمد ٣ / ٢٠، ٤٩، ومسلم (٤٩)، وأبو داود (١١٤٠، ٤٣٤٠)، والترمذي في الفتن (٢١٧٣) باب: ما جاء في تغيير المنكر باليد، أو باللسان، أو بالقلب. والنسائي في الايمان ٨ / ١١١، ١١٢ باب: تفاضل أهل الايمان، وابن ماجة (١٢٧٥) و (٤٠١٣) من طرق عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن أبي سعيد. والمنكر هنا غير أبي سعيد.
وأخرجه البخاري في العيدين (٩٥٦) باب: الخروج إلى المصلى بغير منبر، من طريق محمد بن جعفر، أخبرني زيد، عن عياض بن عبد الله بن أبي السرح، عن أبي سعيد. وفيه أن المنكر أبو سعيد، وليس فيه المرفوع.
قال الحافظ في الفتح: " يحتمل أن تكون القصة تعددت، ويدل على ذلك المغايرة الواقعة بين روايتي عياض ورجاء. ففي رواية عياض أن المنبر بني بالمصلى، وفي رواية رجاء أن مروان أخرج المنبر معه فلعل مروان لما أنكروا عليه إخراج المنبر ترك إخراجه بعد، وأمر ببنائه من لبن وطين بالمصلى، ولا يبعد في أن ينكر عليه تقديم الخطبة على الصلاة مرة بعد أخرى. ويدل على التغاير أيضا أن إنكار أبي سعيد وقع بينه وبينه، وإنكار الآخر وقع على رؤوس الناس ".
وفي الحديث أن الخطبة على الأرض عن قيام في المصلى أولى من القيام على المنبر، وفيه أن الخروج إلى المصلى في العيد، وأن صلاتها في المسجد لا تكون إلا عن ضرورة، وفيه إنكار العلماء على الامراء إذا فعلوا ما يخالف السنة، وفيه حلف العالم على صدق ما يخبر به. وفيه المباحثة في الاحكام.
قال النووي في شرح مسلم ١ / ٢٢٦: " واعلم أن هذا الباب أعني الامر بالمعروف والنهي عن المنكر قد ضيع أكثره منذ أزمان متطاولة، ولم يبق منه في هذه الأزمان إلا رسوم قليلة جدا. وهو باب عظيم به قوم الامر وملاكه، وإذا كثر الخبث عم العقاب الصالح والطالح، وإذا لم يأخذوا على يد الظالم أوشك أن يعمهم الله بعقابه (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم). فينبغي لطالب الآخرة، والساعي في تحصيل رضا الله تعالى أن يعتني بهذا الباب، فإن نفعه عظيم - لا سيما وقد ذهب معظمه - ويخلص نيته، ولا يهادن من ينكر عليه لارتفاع مرتبته فإن الله تعالى قال: (ولينصرن الله من ينصره) [الحج:
٤٠]، وقال تعالى: (ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم) [آل عمران: ١٠١]، وقال تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) [العنكبوت: ٦٩]. وقال تعالى: (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمناهم وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) [العنكبوت: ٣]. وأعلم أن الاجر على قدر النصب.
ولا يتاركه أيضا لصداقته ومودته، ومداهنته، وطلب الوجاهة عنده، ودوام المنزلة لديه فإن صداقته ومودته توجب له حرمة وحقا، ومن حقه أن ينصحه ويهديه إلى مصالح آخرته، وينقذه من مضارها. وصديق الانسان ومحبه هو من سعى في عمارة آخرته وإن أدى ذلك إلى نقص في دنياه، وعدوه من يسعى في ذهاب أو نقص آخرته، وإن حصل بسبب ذلك صورة نفع في دنياه، وإنما كان إبليس عدوا لنا لهذا، وكانت الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين أولياء للمؤمنين لسعيهم في مصالح آخرتهم، وهدايتهم إليها ".
وللتفصيل انظر شرح مسلم ١ / 224 - 228.
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 291 292 293 294 295 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مسند طلحة بن عبيد الله 5
2 من مسند الزبير بن العوام 29
3 مسند سعد بن أبي وقاص 49
4 من مسند عبد الرحمن بن عوف 147
5 مسند أبي عبيدة الجراح 175
6 من مسند أبي جحيفة 183
7 مسند أبي الطفيل 195
8 بقية من مسند عبد الله بن أنيس 201
9 مسند خفاف بن إيماء 207
10 مسند عقبة مولى جبر بن عتيك 211
11 مسند يزيد بن أسد 213
12 سلمة الهمداني 214
13 مسند جهجاه الغفاري 218
14 ما أسند جارود العبدي 219
15 رجل من أصحاب النبي 221
16 سلمة بن قيصر عن النبي 222
17 أبو أبي عمرة 223
18 جد خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم 224
19 ما أسند خرشة عن النبي صلى الله عليه وسلم 225
20 خالد بن عدي الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم 226
21 أبو عزة 228
22 قدامة بن عبد الله 229
23 أبو ليلى عن النبي صلى الله عليه وسلم 229
24 ما أسند عبد الرحمن بن حسنة الجهني 231
25 قيس بن أبي غرزة عن النبي صلى الله عليه وسلم 233
26 بشير السلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم 233
27 عبد الرحمن بن عثمان التيمي عن النبي صلى الله عليه وسلم 234
28 عبد الرحمن الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم 235
29 يزيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم 236
30 سبرة بن معبد الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم 237
31 الأسود بن سريع عن النبي صلى الله عليه وسلم 240
32 أبو لبيبة عن النبي صلى الله عليه وسلم 241
33 رجل عن النبي صلى الله عليه وسلم 242
34 أسيد بن حصير عن النبي صلى الله عليه وسلم 243
35 عروة بن مضرس 245
36 أيمن بن خريم الأسدي 245
37 مسند سعيد 247
38 من مسند أبي سعيد الخدري 263