خرجت، فقال صاحبي: فعلت (1)؟ قلت: نعم، فدخل فوقف عليه، ثم خرجنا فانحدرنا من الدرجة، فسقط عبد الله بن عتيك في الدرجة، فقال: وارجلاه! كسرت رجلي. فقلت له: ليس برجلك بأس، ووضعت قوسي واحتملته، وكان، عبد الله قصيرا ضئيلا، فأنزلته فإذا رجله لا بأس بها، فانطلقنا حتى لحقنا أصحابنا، وصاحت المرأة يا بياتاه! فيثور أهل خيبر، ثم ذكرت موضع قوسي في الدرجة، فقلت: والله لأرجعن فلآخذن قوسي. فقال أصحابي: قد تثور أهل خيبر، تقتل؟ فقلت: لا أرجع أنا حتى آخذ قوسي، فرجعت فإذا أهل خيبر قد تثورا، وإذا ما لهم كلام إلا: من قتل ابن أبي الحقيق؟ فجعلت لا أنظر في وجه إنسان، ولا ينظر في وجهي إلا قلت كما يقول: من قتل ابن أبي الحقيق؟ حتى جئت الدرجة، فصعدت مع الناس، فأخذت قوسي، ثم لحقت أصحابي، فكنا نسير الليل، ونكمن النهار، فإذا كمنا النهار أقعدنا ناطورا (2) ينطرنا حتى إذا اقتربنا من المدينة، فكنا بالبيداء كنت أنا ناطره ثم إني ألحت لهم بثوبي، فانحدروا، فخرجوا جمزا، وانحدرت في آثارهم فأدركتهم حتى بلغنا المدينة، فقال لي أصحابي:
هل رأيت شيئا؟ فقلت: لا، ولكن رأيت ما أدرككم من العناء، فأجبت أن يحملكم الفزع. وأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس فقال صلى الله عليه وسلم: " أفلحت الوجوه ". فقلنا: أفلح وجهك يا رسول الله، قال: " فقتلتموه "؟ قلنا: نعم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف الذي...