فيطمع الذي في قلبه مرض...). فهذا مرض شهوة الزنا. والله أعلم.
قال - رحمه الله -: «فأما طب القلوب [يعنى طرائق مداواتها وعلاجها] فمسلم إلى الرسل صلوات الله وسلامه عليهم ولا سبيل إلى حصول ذلك إلا من جهتهم وعلى أيديهم» ا. ه.
قلت: هذا بدهي مسلم به، فكل صنعة لا يخبرها إلا صاحبها، وهو أقدر من غيره على سبل مداواتها وإصلاح خللها، بحكم إنشائه لها أصلا، فهو أدرى وأعلم بمفرداتها وأدوات تركيبها. نقول هذا - بالنظر إلى أن الرسل إنما يتلقون عن الله جل ذكره - وهذا نقوله لتقريب الرؤية، ولله المثل الأعلى، فهو - وحده - الخالق المقتدر العليم. أعلم بصنعته التي لم يشأ - من تمام رحمته وكرمه - أن يدعها - هكذا - ترعى وحبلها على غاربها، فحيث ما قر بها القرار استقرت، لا تدري من أين هي مأتية، ولو أتيت فكيف تدفع عن نفسها؟! فحصنها - جل وعلا - بالعناية والرعاية والإحاطة بكل سبل العون، فصارت تسير على هدى مستنير بنور النبوات العاديات، وصيانتها من أن تورد موارد الهلكة ومواطن الردى، بما ابتعثهم به من شرائع ومناهج ومسالك تسلك بصاحبها سبيل الهدى إلى دار السلام.
ودونك سيرة خير من وطئ الحصى سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فتأمل مداواته للقلوب المريضة وسياسته للنفوس المعتلة، بما يعجز المرء عن وصف عشر معشاره - بأبي هو وأمي - صلى الله عليه وآله وسلم. قال ابن القيم - رحمه الله -: «فإن إصلاح القلوب أن تكون عارفة بربها وفاطرها وبأسمائه». ا. ه قلت: وعارفة أيضا بمقتضيات ذلك (!) إذ لكل حكم مقتضى كما هو معلوم - لا يتم إلا به بحيث يطابق الظاهر الباطن والقول الفعل والاسم الرسم وهلم جرا...