ورجلهم فيملأون الأرض صخبا وعويلا ونشيجا عندما يقعون على عثرة لأحد أو هفوة لآخر، ما هم عنها بنجوى، وما أحد منها بمنأى (!) فيشنعون ويشغبون، وبالهجر من القول يجهرون، بدلا من الإرشاد برفق وحلم، والتنبيه والدلالة بدليل وعلم (!) ففيم إذن اشتغالك بسنة خير من وطئ الحصى صلى الله عليه وآله وسلم، إن لم يكن لك فيه أسوة حسنة في خلقك، وفعلك، وقولك، وأخذك، وتركك، في كل ما تأتي من الأمر، وفي كل ما تدع؟! أما تدري أن علمك في هذه الحالة سيكون وبالا عليك؟! وبدلا من أن يكون حجة لك تعذر بها إلى ربك جل وعلا، فجعلته بذلك حجة عليك؟! نعوذ بالله تعالى من الخذلان بعد العصمة، ومن الحور بعد الكور! ونعوذ به تعالى من علم لا ينفع صاحبه ولا ينفع الناس ابتغاء وجه رب الناس!. أعود فأقول: ناقشت أخي الشيخ البدر على النحو الذي ينبغي أن يكون بين أهل العلم عامة، وأهل الحديث خاصة من الإدلاء بالحجة، والتدليل بالدليل، والتعلق بالمعنى العلمي والمقارعة بالبرهان، مبينا ذلك طبقا للقواعد العلمية، مع كوني لا أدعى العصمة من الخطأ والسهو، بل بينت ما ظهر لي، راجيا ممن يقف على كلامي أن يوضح ما ظهر له، فما القصد إلا بيان الصواب، طلبا للثواب كما تعلمنا من شيوخنا وأئمتنا الأماجد، لله درهم وعليه شكرهم.
فميزت ما أفدته من كتاب أخينا الشيخ البدر وأشرت إليه وأعلمت عليه بأن صدرته بحرف «ب» الموحدة المفردة فما كان بعدها فهو من كلامه، فإذا انتهيت منه قلت «انتهى» أو اختصرتها على هذا الرسم «ا. ه». ولقد علم الله - تقدست أسماؤه - أنى ما قصدت من مناقشته إلا تحرير الحق وزيادة بيانه، وليس عن هوى أو شهوة أو عصبية - كما يفعل