قال: دخل ابن أبي ليلى على أبى جعفر وهو قاض فقال له أبو جعفر:
إن القاضي قد ترد عليه من طرائف الناس ونوادرهم أمور، فإن كان ورد عليك شئ فحدثنيه فقد طال على يومى فقال: والله لقد ورد على منذ ثلاث أمر ما ورد على مثله. أتتني عجوز تكاد أن تنال الأرض بوجهها، وتسقط من انحنائها فقالت: أنا بالله، ثم بالقاضي أن تأخذ لي بحقي، وأن تعليني على خصمي. قلت: ومن خصمك؟ قالت: بنت أخ لي فدعوت، فجاءت امرأة ضخمة ممتلئة، فجلست مبتهرة. فقالت العجوز: أصلح الله القاضي، إن هذه ابنة أخي، أوصى إلى بها أبوها، فربيتها فأحسنت التأديب.
ثم زوجتها ابن أخ لي ثم أفسدت على بعد ذلك زوجي قال: فقلت لها: ما تقولين؟ فقالت: يأذن لي القاضي حتى أسفر، فأخبره بحجتي؟ فقالت: يا عدوة الله، أتريدين أن تسفري فتفتني القاضي بجمالك؟ قال: فأطرقت خوفا من مقالتها. وقلت: تكلمي قالت:
صدقت - أصلح الله القاضي - هي عمتي، أوصاني إليها أبي.
فربتني وزوجتني ابن عمى - وأنا كارهة - فلم أزل حتى عطف الله بعضنا على بعض واغتبط كل واحد منا بصاحبه ثم نشأت لها بنية، فلما أدركت حسدتني على زوجي، ودبت في فساد ما بيني وبينه وحسنت ابنتها في عينه حتى علقها وخطبها إليها فقالت: لا والله، لا أزوجك ابنتي حتى تجعل أمر امرأتك في يدي ففعل فأرسلت إلى:
أي بنية إن زوجك قد خطب إلى ابنتي فأبيت أن أزوجه حتى يجعل أمرك في يدي، ففعل، فقد طلقتك ثلاثا فقلت: صبرا لامر الله وقضائه فما لبث أن انقضت عدتي فبعث إلى زوجها: إني قد علمت ظلم عمتك لك وقد أخلف الله عليك زوجها. فهل لك فيه؟