وعن علي بن الحسن بن شقيق قال: كان ابن المبارك إذا كان وقت الحج اجتمع إليه إخوانه من أهل مرو، فيقولون: نصحبك. فيقول:
هاتوا نفقاتكم فيأخذ نفقاتهم، فيجعلها في صندوق، ويقفل عليها، ثم يكتري لهم، ويخرجهم من مرو إلى بغداد، فلا يزال ينفق عليهم، ويطعمهم أطيب الطعام وأطيب الحلوى، ثم يخرجهم من بغداد بأحسن زي وأكمل مروءة، حتى يصلوا إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقول لكل واحد: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من المدينة من طرفها؟ فيقول:
كذا وكذا. ثم يخرجهم إلى مكة، فإذا قضوا حجهم، قال لكل واحد، منهم: ما أمرك عيالك أن تشترى لهم من متاع مكة؟ فيقول كذا وكذا، فيشتري لهم. ثم يخرجهم من مكة، فلا يزال ينفق عليهم إلى أن يصير وا إلى مرو، فيجصص بيوتهم، وأبوابهم، فإذا كان بعد ثلاثة أيام، عمل لهم وليمة وكساهم، فإذا أكلوا وسروا، دعا بالصندوق، ففتحه ودفع إلى كل رجل منهم صرته، عليها اسمه (1).
وقد اجتمع فريق من أصحاب ابن المبارك مثل الفضل بن موسى ومخلد ابن الحسين، فقالوا: تعالوا نعد خصال ابن المبارك من أبواب الخير! فقالوا: جمع العلم والفقه والأدب والنحو واللغة والزهد والفصاحة والشعر وقيام الليل والعبادة والحج والغزو والشجاعة والفروسية والقوة، والسلامة في رأيه، وترك الكلام فيما لا يعنيه، والانصاف وقله الخلاف على أصحابه (2)