كنت له شفيعا أو شهيدا قال القاضي سئلت قديما عن هذا الحديث ولم خص ساكن المدينة بالشفاعة هنا مع عموم شفاعته صلى الله عليه وسلم وادخاره إياها قال فأجبت عنه بجواب شاف مقنع في أوراق اعترف بصوابه كل واقف عليه قال وأذكر منه هنا لمعا تليق بهذا الموضع قال بعض شيوخنا أو هنا للشك والأظهر عندنا أنها ليست للشك لأن هذا الحديث رواه جابر بن عبد الله وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وأبي هريرة وأسماء بنت عميس وصفية بنت أبي عبيد عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ ويبعد اتفاق جميعهم أو رواتهم على الشك وتطابقهم فيه على صيغة واحدة بل الأظهر أنه قال صلى الله عليه وسلم هكذا فأما أن يكون أعلم بهذه الجملة هكذا وإما أن يكون أو للتقسيم ويكون شهيدا لبعض أهل المدينة وشفيعا لباقيهم وأما شفيعا للعاصين وشهيدا للمطيعين وأما شهيدا لمن مات في حياته وشفيعا لمن مات بعده أو غير ذلك وهذه زائدة على الشفاعة للمذنبين أو للعاصين في القيامة وعلى شهادته على جميع الأمة وقد قال صلى الله عليه وسلم في شهداء أحد أنا شهيد على هؤلاء فيكون لتخصيصهم بهذا كله مزية وزيادة منزلة وحظوة قال وقد يكون أو بمعنى الواو فيكون لأهل المدينة شفيعا وشهيدا قال وإذا جعلنا أو للشك كما قال المشايخ فإن كانت اللفظة الصحيحة شهيدا اندفع الاعتراض لأنها زائدة على الشفاعة المدخرة المجردة لغيرهم وإن كانت شفيعا فاختصاص أهل المدينة ان هذه شفاعة أخرى غير العامة التي هي إخراج عصاة أمته من النار ومعافاة بعضهم بشفاعته في القيامة وتكون هذه الشفاعة بزيادة الدرجات أو تخفيف السيئات أو بما شاء الله من ذلك أو بإكرامهم يوم القيامة بأنواع من الكرامة كإيوائهم إلى ظل العرش أو كونهم في بروج أو على منابر أو الإسراع بهم إلى الجنة أو غير ذلك من خصوص الكرامات الواردة لبعضهم دون بعض والله أعلم
(٤٠٦)