عمدة القاري - العيني - ج ٢٥ - الصفحة ١٠٠
القرآن جاء أيضا * (قل لمن ما فى السماوات والارض قل لله كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه الذين خسرو 1764; ا أنفسهم فهم لا يؤمنون) * * (واصطنعتك لنفسى) * وقال ابن بطال: النفس لفظ يحتمل معاني والمراد بنفسه ذاته فوجب أن يكون نفسه هي هو وهو اجتماع، وكذا قال الراغب: نفسه ذاته، وهذا وإن كان يقتضي المغايرة من حيث إنه مضاف ومضاف إليه فلا شيء من حيث المعنى سوى واحد سبحانه وتعالى وتنزه عن الاثنينية من كل وجه، وقيل: إن إضافة النفس هنا إضافة ملك، والمراد بالنفس نفوس عباده وفي الأخير بعد لا يخفى. وقيل: ذكر النفس هنا للمشاكلة والمقابلة. قلت: هذا يمشي في الآية الثانية دون الأولى. وقال الزجاج في قوله تعالى: * (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أوليآء من دون المؤمنين ومن يفعل ذالك فليس من الله في شىء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير) * أي: إياه. وقيل: يحذركم عقابه، وقال ابن الأنباري: في قوله تعالى: * (وإذ قال الله ياعيسى ابن مريم أءنت قلت للناس اتخذونى وأمى إلاهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لى 1764; أن أقول ما ليس لى بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما فى نفسى ولا أعلم ما فى نفسك إنك أنت علام الغيوب) * أي: ولا أعلم ما في غيبك، وقيل: معناه تعلم ما في غيبي ولا أعلم ما في غيبك.
7403 حدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، عن شقيق. عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش، وما أحد أحب إليه المدح من الله.
قيل: لا مطابقة هنا بين الترجمة وهذا الحديث لأنه ليس فيه ذكر النفس حتى قال الكرماني: الظاهر أن هذا الحديث كان قبل هذا الباب فنقله الناسخ إلى هذا الباب، ونسبه بعضهم إلى أن هذا غفلة من مراد البخاري، فإن ذكر النفس ثابت في هذا الحديث الذي أورده وإن كان لم يقع في هذا الطريق، وهو في هذا الحديث أورده في سورة الأنعام وفيه: ولا شيء أحب إليه المدح من الله وكذلك مدح نفسه. قلت: هذا ليس غفلة منه لأن كلامه على الظاهر لأن الذي ينبغي أن لا يذكر حديث عقيب ترجمة إلا ويكون فيه لفظ يطابق الترجمة وإلا يبقى بحسب الظاهر غير مطابق، ومع هذا اعتذر الكرماني عنه حيث قال: لعله أقام استعمال أحد مقام النفس لتلازمهما في صحة استعمال كل واحد منهما مقام الآخر، ويؤيده قول غيره: وجه مطابقته أنه صدر الكلام بأحد، وأحد الواقع في النفي عبارة عن النفس على وجه مخصوص، بخلاف أحد الواقع في قوله تعالى: * (قل هو الله أحد) * وهذا السند بعينه مر في الكتاب غير مرة.
والأعمش سليمان، وشقيق بن سلمة أبو وائل، وعبد الله هو ابن مسعود، رضي الله تعالى عنه.
والحديث مضى في سورة الأنعام ومضى أيضا في أواخر النكاح في: باب الغيرة، بغير هذا الإسناد والمتن.
قوله: أغير من الله غيرة الله هي كراهيته الإتيان بالفواحش أي: عدم رضاه به لا عدم إرادته، وقيل: الغضب لازم الغيرة أي: غضبه عليها، ثم لازم الغضب إرادة إيصال العقوبة عليها. قوله: أحب بالنصب والمدح بالرفع فاعله وهو مثل مسألة الكحل، ويروى: أحب بالرفع وهو بمعنى المحبوب لا بمعنى المحب.
7404 حدثنا عبدان، عن أبي حمزة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لما خلق الله الخلق كتب في كتابه: هو يكتب على نفسه وهو وضع عنده على العرش إن رحمتي تغلب غضبي ا مطابقته للترجمة في قوله: على نفسه وعبدان لقب عبد الله بن عثمان المروزي؛ وأبو حمزة بالحاء المهملة والزاي اسمه محمد بن ميمون، والأعمش سليمان، وأبو صالح ذكوان الزيات السمان.
والحديث أخرجه مسلم قال: حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا المغيرة يعني الحزامي عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة: أن النبي، قال: لما خلق الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش إن رحمتي تغلب غضبي قوله: وهو وضع بمعنى موضوع عنده، وكذا في رواية أخرى لمسلم، فهو موضوع عنده، وقال الجوهري: وضعت الشيء من يدي وضعا وموضعا وموضوعا، وهو مثل المعقول وزنا.
7405 حدثنا عمر بن حفص، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش سمعت أبا صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه، إذا
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»